أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن الوفد رفيع المستوى الذي أرسله إلى العاصمة الروسية موسكو قد عقد اجتماعاً وصفه بـ “الجيد جداً” مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في إطار المساعي الرامية لإنهاء الحرب المستمرة في أوكرانيا. وتأتي هذه التصريحات لتسلط الضوء على تحركات دبلوماسية مكثفة تجري خلف الكواليس لمحاولة إيجاد مخرج للأزمة التي تعصف بشرق أوروبا.
تفاصيل الاجتماع في الكرملين
غادر مبعوث ترامب، ستيف ويتكوف، وصهره جاريد كوشنر، مقر الكرملين بعد اجتماع مطول استمر لعدة ساعات. ورغم عدم الإعلان الفوري عن اختراق كبير أو اتفاق سلام نهائي، إلا أن ترامب أعرب عن تفاؤله بمجريات اللقاء. وقال ترامب في تصريحاته: “لقد عقدا اجتماعاً جيداً جداً أمس مع الرئيس بوتين”، مشيراً إلى أن الانطباع السائد لدى مبعوثيه هو أن الرئيس الروسي لديه رغبة حقيقية في إنهاء الحرب.
خلفية الصراع والتحركات الدبلوماسية
تكتسب هذه المحادثات أهمية خاصة بالنظر إلى السياق الزمني للصراع، حيث تدخل الحرب في أوكرانيا عامها الثالث وسط استنزاف عسكري واقتصادي كبير للأطراف المتحاربة وتأثيرات طالت الاقتصاد العالمي. ولطالما انتقد ترامب حجم المساعدات العسكرية الأمريكية المقدمة لكييف، متعهداً في أكثر من مناسبة بقدرته على إنهاء الحرب بسرعة من خلال التفاوض المباشر، وهو ما يفسر إرسال وفد مقرب منه (كوشنر وويتكوف) لفتح قنوات اتصال مباشرة مع القيادة الروسية.
الموقف الروسي: إيجابية حذرة وعقبات جغرافية
في المقابل، اتسم الموقف الروسي بالواقعية السياسية؛ حيث أعلن الكرملين مساء الثلاثاء أن المحادثات كانت “مفيدة وبناءة للغاية”، لكنه شدد على عدم التوصل إلى تسوية نهائية حتى الآن، لا سيما فيما يتعلق بملف الأراضي التي تسيطر عليها القوات الروسية في شرق وجنوب أوكرانيا.
وصرح يوري أوشاكوف، المستشار الدبلوماسي للكرملين، رداً على استفسارات صحفية حول مصير الأراضي الأوكرانية: “حتى الآن لم نتوصل إلى تسوية، لكن من الممكن مناقشة بعض المقترحات الأمريكية”. ويشير هذا التصريح إلى أن العقبة الرئيسية في المفاوضات تكمن في التباين الكبير بين مطالب كييف باستعادة كامل أراضيها، وبين الإصرار الروسي على الاعتراف بالواقع الميداني الجديد.
الأهمية الاستراتيجية للمحادثات
تعد هذه اللقاءات مؤشراً قوياً على احتمال تغير الديناميكيات الدولية تجاه الحرب في أوكرانيا. فنجاح هذه المفاوضات قد يؤدي إلى إعادة رسم الخريطة الأمنية في أوروبا وتخفيف حدة التوتر بين موسكو والغرب. ومع ذلك، حذر ترامب نفسه من أن “مصير المفاوضات غير واضح”، وتساءل عن النتيجة النهائية، مما يعكس تعقيد الملفات المطروحة التي تشمل ليس فقط الحدود الجغرافية، بل أيضاً الضمانات الأمنية ومستقبل العلاقات بين روسيا وحلف الناتو.
ويبقى العالم في حالة ترقب لما ستسفر عنه هذه القنوات الدبلوماسية المفتوحة، وما إذا كانت رغبة بوتين في إنهاء الحرب -كما نقل وفد ترامب- ستترجم إلى تنازلات ملموسة على طاولة المفاوضات في المستقبل القريب.
