تواصل العاصمة السعودية الرياض، لليوم الثاني على التوالي، فعاليات النسخة الرابعة من مؤتمر ومعرض "بلاك هات" الشرق الأوسط وأفريقيا 2025، الحدث التقني الأضخم من نوعه في المنطقة، والذي ينظمه الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز، بالشراكة مع شركة "تحالف" (المشروع المشترك بين الاتحاد وصندوق الفعاليات الاستثماري وشركة إنفورما الدولية). ويشهد الحدث حضوراً دولياً واسعاً يعكس المكانة المتنامية للمملكة كمركز ثقل عالمي في صناعة الأمن السيبراني.
فعاليات تقنية ومنافسات محتدمة
شهد اليوم الثاني زخماً كبيراً في الجلسات الحوارية وورش العمل التقنية المتخصصة، حيث ركز الخبراء على أحدث استراتيجيات الدفاع الرقمي الاستباقي، والدور المحوري لتقنيات الذكاء الاصطناعي في الكشف عن التهديدات ومعالجتها قبل تفاقمها. كما تم تسليط الضوء على التحديات التي تواجه الأمن المالي والمؤسسي في ظل تطور الهجمات السيبرانية عالمياً.
وفي سياق المنافسات، استمرت الإثارة في منطقة الأنشطة عبر مسارات تقنية متعددة تمنح الفائزين مكافآت مالية ضخمة تصل قيمتها الإجمالية إلى مليون ريال سعودي. وبالتوازي، قدمت منطقة "مختبرات الآرسنال" (Arsenal) عرضاً لأحدث الأدوات الأمنية مفتوحة المصدر، بينما وفرت منطقة "Terminal" بيئات محاكاة واقعية متقدمة سمحت للمشاركين باختبار مهاراتهم في التحليل الجنائي الرقمي والهجمات الأخلاقية، مما يعزز من جاهزية الكوادر الشابة لسوق العمل.
سياق الحدث ومكانة المملكة دولياً
تأتي استضافة هذه النسخة من "بلاك هات" امتداداً للنجاحات المتتالية التي حققتها المملكة في قطاع التقنية، حيث تحول الحدث من مجرد مؤتمر تقني إلى منصة عالمية تجمع قادة القطاع والمبتكرين. ويعتبر "بلاك هات" الأصل الذي انطلق من الولايات المتحدة، المعيار الذهبي لمؤتمرات أمن المعلومات، وقد نجحت النسخة السعودية في استقطاب اهتمام عالمي غير مسبوق، متماشية مع مستهدفات رؤية المملكة 2030 في بناء مجتمع رقمي آمن وممكن.
ومن الجدير بالذكر أن المملكة العربية السعودية حققت قفزات نوعية في المؤشرات الدولية، حيث تصدرت المرتبة الأولى عالمياً في مؤشر الأمن السيبراني الصادر عن الاتحاد الدولي للاتصالات (ITU) ضمن الفئة الأولى "النموذجية"، مما يجعل من انعقاد هذا الحدث في الرياض تأكيداً على ريادتها الدولية.
الأثر الاستراتيجي والاقتصادي
لا تقتصر أهمية "بلاك هات 25" على الجانب التقني فحسب، بل تمتد لتشمل أبعاداً اقتصادية واستراتيجية هامة. فوجود أكثر من 500 شركة عارضة ونخبة من المتحدثين الدوليين يساهم في تعزيز البيئة الاستثمارية في قطاع التكنولوجيا بالمملكة، ويوفر فرصاً للشراكات الاستراتيجية بين الشركات المحلية والعالمية. كما تساهم منصة "Black Hat Campus" بشكل مباشر في سد الفجوة في المهارات السيبرانية من خلال تمكين المواهب الشابة وربطهم بقادة الصناعة.
ومن المقرر أن تُختتم فعاليات المؤتمر غداً بجلسات استشرافية تناقش مستقبل الحروب السيبرانية، وتطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي في الاستجابة للحوادث، لترسم بذلك خارطة طريق لمستقبل الأمن الرقمي في المنطقة والعالم.
