في خطوة استراتيجية جديدة تعكس التطور المتسارع الذي يشهده القطاع الثقافي في المملكة العربية السعودية، أعلنت هيئة الأفلام عن إطلاق مبادرة “أفلام للجميع”، وهي مبادرة نوعية تهدف إلى تعزيز وتوسيع فرص الوصول والمشاركة في قطاع الأفلام. تأتي هذه الخطوة لتمكين مختلف فئات المجتمع من خوض التجربة السينمائية والإسهام في مساراتها الإبداعية والمهنية، مما يرسخ مفهوم الشمولية في الصناعة الإبداعية.
سياق ثقافي وتحول تاريخي
تأتي هذه المبادرة في وقت يشهد فيه قطاع السينما السعودي نهضة غير مسبوقة منذ إعادة افتتاح دور العرض السينمائي، حيث تحول القطاع إلى ورشة عمل كبرى تستهدف تحويل المملكة إلى مركز إقليمي ودولي لصناعة الأفلام. وتندرج مبادرة “أفلام للجميع” ضمن السياق العام لمستهدفات رؤية المملكة 2030، التي تضع الثقافة وجودة الحياة في صلب اهتماماتها، معتبرة أن التنوع الاقتصادي والمشاركة الثقافية ركيزتان أساسيتان للتنمية المستدامة. وتسعى الهيئة من خلال هذه التحركات إلى بناء قطاع سينمائي حيوي لا يكتفي بالإنتاج، بل يتجاوزه إلى استيعاب الطاقات المتنوعة وتوفير بيئة إنتاجية أكثر شمولاً وعدالة.
أربعة مسارات تنفيذية للمبادرة
لضمان تحقيق أهدافها، اعتمدت الهيئة هيكلية تنفيذية للمبادرة تقوم على أربعة مسارات تكاملية:
- مسار السياسات: يركز على وضع المعايير التنظيمية والتشريعات التي ترسخ مبادئ الشمول والوصول العادل داخل القطاع، مما يضمن بيئة عمل صحية للجميع.
- مسار الشراكات والتعاون: يهدف إلى تفعيل دور صناع الأفلام والجهات العامة والخاصة والقطاع غير الربحي، لتوحيد الجهود في إشراك وتمكين جميع فئات المجتمع، بما في ذلك الأطفال، وكبار السن، وذوي الإعاقة.
- مسار الفعاليات والأنشطة: يعمل على تعزيز حضور ومشاركة مختلف الفئات المجتمعية في الفعاليات السينمائية التي تنظمها الهيئة، مع ضمان توفير تجربة ممتعة وسلسة عبر تيسير الخدمات والمرافق المصاحبة لتكون صديقة للجميع.
- مسار تطوير المواهب: يُعنى بتوفير فرص التدريب والتطوير واستقطاب القدرات المبدعة من ذوي الإعاقة وكافة أفراد المجتمع، مما يتيح لهم الدخول بفاعلية ضمن كفاءات صناعة الأفلام السعودية والإسهام في نموها المستقبلي.
الأثر المتوقع والأهمية الاقتصادية والاجتماعية
لا تقتصر أهمية مبادرة “أفلام للجميع” على الجانب الفني فحسب، بل تمتد لتشمل أبعاداً اجتماعية واقتصادية هامة. فعلى الصعيد الاجتماعي، تعزز المبادرة من دمج فئات كانت قد تواجه صعوبات في الوصول إلى هذا المجال، مثل ذوي الإعاقة، مما يعزز من النسيج المجتمعي وتكافؤ الفرص. أما اقتصادياً، فإن توسيع قاعدة المشاركين في الصناعة سيؤدي بالضرورة إلى اكتشاف مواهب جديدة وضخ دماء شابة في سوق العمل، مما يرفع من تنافسية السينما السعودية محلياً ودولياً.
وتؤكد هذه المبادرة التزام هيئة الأفلام بدورها التكاملي في ترسيخ الشمولية المجتمعية، وتمكين استدامة القطاع السينمائي السعودي ليكون متاحاً وفاعلاً، مما يبشر بمستقبل واعد لصناعة السينما في المملكة، قادرة على سرد القصص المحلية بأصوات متنوعة تصل إلى العالمية.