اختتم مركز التغير المناخي التابع للمركز الوطني للأرصاد، اليوم في مدينة جدة، أعمال ورشة العمل المتخصصة التي حملت عنوان "حرائق الغابات.. المسببات والحلول". وقد استمرت الورشة على مدار يومين، شهدت خلالهما نقاشات مكثفة بمشاركة واسعة من الجهات الحكومية المعنية، بهدف وضع خارطة طريق وطنية للحد من مخاطر الحرائق وحماية الغطاء النباتي في المملكة.
الأهمية الاستراتيجية والبيئية
تأتي هذه الورشة في توقيت حيوي يتزامن مع الجهود الحثيثة التي تبذلها المملكة العربية السعودية في إطار "مبادرة السعودية الخضراء" ورؤية 2030، والتي تهدف إلى حماية البيئة الطبيعية وزيادة الرقعة الخضراء. وتكتسب قضية حرائق الغابات أهمية قصوى نظراً لتركز الغابات في المناطق الجنوبية والجنوبية الغربية من المملكة (مثل عسير، الباحة، وجازان) وعلى امتداد جبال السروات، وهي مناطق ذات تنوع بيولوجي فريد وتضاريس وعرة تجعل من مكافحة الحرائق تحدياً يتطلب تنسيقاً عالياً.
ويعد الحفاظ على هذه الثروة الطبيعية من التهديدات البيئية، وفي مقدمتها الحرائق، ركيزة أساسية لضمان استدامة النظم البيئية، وحماية الحياة الفطرية، ودعم السياحة البيئية التي تعد رافداً اقتصادياً مهماً لهذه المناطق.
تحليل المسببات والتغير المناخي
ناقشت الجلسات العلمية للورشة بعمق العلاقة المباشرة بين التغيرات المناخية وازدياد وتيرة حرائق الغابات. حيث تم استعراض تأثير ارتفاع درجات الحرارة العالمية، وموجات الجفاف، وتغير أنماط الرياح في زيادة قابلية الغطاء النباتي للاشتعال. كما تطرق الخبراء إلى المسببات البشرية التي غالباً ما تكون الشرارة الأولى للكوارث البيئية، مؤكدين على ضرورة رفع الوعي المجتمعي.
وجاء انعقاد الورشة تنفيذاً لتوصيات اللجنة التنفيذية للجنة الدفاع المدني، وامتداداً لقرارات اللجنة المكلّفة برئاسة المركز الوطني للأرصاد، لرفع الجاهزية الوطنية في مواجهة هذه المخاطر التي تهدد البنية البيئية.
التقنية والإنذار المبكر
استحوذ الجانب التقني على حيز كبير من النقاشات، حيث استعرض المشاركون أوراق عمل تناولت أحدث الآليات في الرصد المبكر والإنذار. وتم التأكيد على أهمية استخدام تقنيات الاستشعار عن بعد، وتحليل البيانات المناخية بدقة للتنبؤ بظروف الطقس التي قد تساعد على نشوب الحرائق، مما يمنح فرق الاستجابة الميدانية وقتاً ثميناً للتحرك قبل تفاقم الأزمة.
وقدم مركز التغير المناخي خلال الورشة منهجيته الفنية والبيانات المناخية اللازمة لتعزيز دقة التحليل، مشدداً على دور البيانات الدقيقة في دعم متخذي القرار أثناء حالات الطوارئ.
توصيات لتوحيد الجهود
في ختام الورشة، أوصى المشاركون بضرورة وضع آليات موحدة لتبادل البيانات بين كافة الجهات ذات العلاقة، وتفعيل الممكنات الفنية وفق أفضل الممارسات العالمية. وأكدت التوصيات النهائية التي ستُرفع للجهات المختصة لاعتمادها، على أهمية التكامل بين الرصد الأرصادي، والدفاع المدني، والجهات الأمنية والبيئية، لضمان استجابة فورية وفعالة تقلل من الخسائر البيئية والاقتصادية، وتعزز من استدامة الغابات كمورد وطني ثمين.