كشفت النشرة الإحصائية الشهرية الصادرة عن البنك المركزي السعودي “ساما” عن وصول إجمالي الأصول الاحتياطية للمملكة العربية السعودية في الخارج إلى 1.66 تريليون ريال بنهاية شهر أكتوبر 2023. ويمثل هذا الرقم ارتفاعاً على أساس سنوي بنسبة 1.6% مقارنة بالشهر نفسه من عام 2022، على الرغم من تسجيله تراجعاً طفيفاً على أساس شهري بنسبة 1.8% عن شهر سبتمبر 2023، حيث بلغ آنذاك 1.69 تريليون ريال.
أهمية الأصول الاحتياطية للاقتصاد السعودي
تُعد الأصول الاحتياطية مكوناً حيوياً في اقتصاد أي دولة، وهي تمثل الأصول الخارجية التي يحتفظ بها البنك المركزي ويسيطر عليها لضمان الاستقرار المالي. بالنسبة للمملكة، تلعب هذه الاحتياطيات دوراً محورياً في دعم استقرار سعر صرف الريال السعودي المرتبط بالدولار الأمريكي منذ عقود، وتوفير غطاء آمن للواردات، وتعزيز ثقة المستثمرين المحليين والدوليين في متانة الاقتصاد الوطني. تاريخياً، شكلت عائدات النفط المصدر الرئيسي لتكوين هذه الاحتياطيات، مما جعل المملكة واحدة من أكبر حائزي الأصول الاحتياطية في العالم. وتعمل هذه الأصول كصمام أمان ضد التقلبات الاقتصادية العالمية، خاصة في أسواق الطاقة، وتمنح الدولة مرونة في سياستها المالية.
تفاصيل مكونات الأصول الاحتياطية
يتألف إجمالي الأصول الاحتياطية من عدة مكونات رئيسية، وجاء الجزء الأكبر منها في صورة “استثمارات في أوراق مالية في الخارج”، والتي بلغت قيمتها 998.5 مليار ريال في أكتوبر، مسجلة زيادة شهرية بنسبة 1.3% عن سبتمبر. وتشمل هذه الاستثمارات عادةً سندات حكومية عالية السيولة ومنخفضة المخاطر مثل سندات الخزانة الأمريكية. تلاها بند “النقد الأجنبي والودائع في الخارج” بقيمة 565.5 مليار ريال، والذي شهد تراجعاً شهرياً بنسبة 7%. أما المكونات الأخرى، فقد شملت “حقوق السحب الخاصة” بقيمة 80.5 مليار ريال، و”صافي الاحتياطي لدى صندوق النقد الدولي” الذي بلغ 12.85 مليار ريال، بينما استقر “رصيد الذهب النقدي” عند 1.62 مليار ريال دون تغيير يذكر.
التأثير الاقتصادي والتوجهات المستقبلية
يعكس النمو السنوي في الأصول الاحتياطية الأداء الإيجابي للاقتصاد السعودي وقدرته على تعزيز مركزه المالي الخارجي، مدعوماً بجهود تنويع الاقتصاد ضمن إطار رؤية السعودية 2030 ونمو القطاعات غير النفطية. أما التراجع الشهري الطفيف، فيعتبر حركة طبيعية في إدارة السيولة والأصول، وقد يعود إلى التزامات خارجية أو استثمارات استراتيجية تقوم بها الدولة. إن الحفاظ على مستوى مرتفع ومستقر من الاحتياطيات يمنح صانعي السياسة النقدية مرونة أكبر في مواجهة التحديات الاقتصادية ويدعم المشاريع التنموية الضخمة التي تشهدها المملكة، مما يعزز من جاذبيتها كوجهة استثمارية رائدة على الصعيدين الإقليمي والدولي. ويؤكد هذا الرقم على القاعدة المالية الصلبة التي يتمتع بها الاقتصاد السعودي، وقدرته على تمويل تحوله الاقتصادي الطموح والمساهمة في استقرار الأسواق المالية الدولية.