في خطوة استراتيجية تهدف إلى إعادة تشكيل المشهد الحضري في المملكة العربية السعودية، وقّع صندوق الاستثمارات العامة، المحرك الرئيسي للتحول الاقتصادي في المملكة، مذكرة تفاهم غير ملزمة مع شركة “فوستر آند بارتنرز”، إحدى أبرز الشركات العالمية في مجال الهندسة المعمارية والتطوير الحضري المستدام. تهدف هذه المذكرة إلى استكشاف فرص التعاون الواعدة في القطاع العقاري السعودي المزدهر، بما يتماشى مع الأهداف الطموحة لرؤية السعودية 2030.
سياق استراتيجي ضمن رؤية 2030
يأتي هذا التعاون في إطار استراتيجية صندوق الاستثمارات العامة الأوسع نطاقاً، والتي تركز على تطوير قطاعات حيوية داخل المملكة، وعلى رأسها القطاع العقاري والسياحي. ويعمل الصندوق كذراع استثماري سيادي يهدف إلى تنويع مصادر الدخل بعيداً عن النفط، من خلال إطلاق مشاريع ضخمة تُعرف بـ”المشاريع الكبرى” مثل نيوم، ومشروع البحر الأحمر، والقدية. ويتطلب تنفيذ هذه المشاريع رؤى عالمية وخبرات فنية متقدمة، وهو ما تجسده الشراكة مع “فوستر آند بارتنرز”.
تاريخ حافل لـ “فوستر آند بارتنرز” في المملكة
لم تكن هذه الشراكة وليدة اللحظة، فشركة “فوستر آند بارتنرز” تمتلك سجلاً حافلاً ومميزاً في السعودية، حيث ساهمت في تصميم وتنفيذ عدد من المعالم الأيقونية التي أصبحت جزءاً من الهوية العمرانية الحديثة للمملكة. من أبرز هذه المشاريع برج الفيصلية في الرياض، الذي كان عند اكتماله أحد أبرز معالم العاصمة، بالإضافة إلى تصميمها المبتكر لجزيرة شورى ضمن مشروع البحر الأحمر، ومحطات قطار الحرمين السريع التي تربط مكة المكرمة بالمدينة المنورة، وتصميم مطار أبها الجديد. وتعزيزاً لالتزامها تجاه السوق السعودية، افتتحت الشركة مقراً إقليمياً لها في سبتمبر الماضي بمركز الملك عبد الله المالي (كافد) في الرياض، مما يسهل إدارتها للمشاريع القائمة والمستقبلية.
الأهمية والتأثير المتوقع للشراكة
من المتوقع أن يكون لهذا التعاون تأثير متعدد الأبعاد. فعلى الصعيد المحلي، سيساهم في رفع معايير التصميم والتخطيط الحضري في المملكة، ودمج أحدث مفاهيم الاستدامة والمدن الذكية في المشاريع الجديدة، مما يحسن جودة الحياة للمواطنين والمقيمين. كما سيؤدي إلى نقل المعرفة وتطوير الكفاءات المحلية في مجالات الهندسة المعمارية والتصميم المستدام. أما على الصعيدين الإقليمي والدولي، فإن هذه الشراكة تعزز مكانة السعودية كوجهة عالمية للاستثمارات النوعية ومركز للابتكار في التطوير العقاري، وتجذب المزيد من الشركات العالمية الرائدة للمساهمة في مسيرة التحول التي تشهدها المملكة.
دعامة مالية قوية
وتأتي هذه الخطوة مدعومة بالمركز المالي القوي لصندوق الاستثمارات العامة، الذي حصل مؤخراً على تصنيف ائتماني قصير الأجل عند (A-1) من وكالة “ستاندرد آند بورز” العالمية، مع نظرة مستقبلية مستقرة. يعكس هذا التصنيف، الذي يتماشى مع التصنيف السيادي للمملكة، قوة الحوكمة والسيولة التي يتمتع بها الصندوق، مما يمنح شركاءه الدوليين ثقة كبيرة في قدرته على تمويل وإنجاز المشاريع الضخمة طويلة الأمد.