مقترح إيطالي لتعميق الشراكة الاستراتيجية
في خطوة دبلوماسية لافتة، اقترحت رئيسة الوزراء الإيطالية، جورجيا ميلوني، خلال مشاركتها كضيفة شرف في القمة الخليجية السادسة والأربعين بالمنامة، إقامة قمة تجمع دول مجلس التعاون الخليجي مع دول حوض البحر المتوسط، مؤكدة استعداد بلادها لاستضافة هذا الحدث الهام. ويهدف المقترح إلى بناء جسور جديدة من التعاون والتكامل الاقتصادي والأمني بين منطقتين محوريتين على الساحة الدولية.
وخلال كلمتها أمام قادة دول الخليج، شددت ميلوني على أن إيطاليا، بحكم موقعها الجغرافي وتاريخها، يمكن أن تلعب دورًا محوريًا في تجاوز الانقسامات وتعزيز الحوار. وأضافت أن روما تطمح لتكون “بوابة رئيسية” لدول الخليج نحو السوق الأوروبية الموحدة، مما يفتح آفاقًا واسعة للاستثمارات والتجارة المتبادلة. كما أبرزت الفرص الواعدة للتعاون في قطاع الطاقة، ليس فقط في مجال النفط والغاز التقليدي، بل أيضًا في مجالات الطاقة المتجددة والتحول الأخضر، وهو ما يتماشى مع رؤى التنمية المستدامة التي تتبناها دول الخليج، مثل رؤية السعودية 2030.
السياق التاريخي للعلاقات الخليجية الأوروبية
تأتي هذه الدعوة في سياق علاقات تاريخية متنامية بين دول الخليج وأوروبا، والتي انتقلت من كونها علاقات قائمة بشكل أساسي على الطاقة إلى شراكة استراتيجية متعددة الأوجه. فلطالما كانت منطقة الخليج العربي المورد الرئيسي للطاقة لأوروبا، لكن العقود الأخيرة شهدت تناميًا في العلاقات السياسية والاستثمارية والثقافية. وتنظر دول البحر المتوسط، وعلى رأسها إيطاليا، إلى منطقة الخليج ليس فقط كمصدر للطاقة، بل كشريك استراتيجي في تحقيق الاستقرار الإقليمي ومواجهة التحديات المشتركة مثل الإرهاب وأمن الممرات المائية.
أهمية القمة المقترحة وتأثيرها المتوقع
إن عقد قمة من هذا النوع يحمل في طياته أهمية استراتيجية كبرى. على الصعيد الاقتصادي، يمكن أن يؤدي إلى تكامل أكبر بين الأسواق، وتسهيل حركة رؤوس الأموال، وإطلاق مشاريع بنية تحتية مشتركة تربط بين المنطقتين. أما على الصعيد السياسي والأمني، فإن التنسيق بين دول الخليج والمتوسط يمكن أن يسهم بشكل فعال في إيجاد حلول للأزمات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتعزيز الأمن العالمي الذي أكدت ميلوني سعي بلادها للعمل على إرسائه بالتعاون مع شركائها الخليجيين.
القمة الخليجية 46 في ظل تحديات إقليمية
انعقدت القمة الخليجية السادسة والأربعون في العاصمة البحرينية المنامة وسط ظروف إقليمية ودولية بالغة التعقيد، وفي مقدمتها تطورات الحرب في قطاع غزة وتصاعد التوترات في المنطقة. وقد هيمنت هذه التحديات على جدول أعمال القمة، حيث أكد القادة على ضرورة توحيد المواقف لمواجهة المخاطر المحيطة. وفي هذا الإطار، حظي ملف “الدفاع الخليجي المشترك” باهتمام كبير، باعتباره ركيزة أساسية لصياغة مرحلة جديدة من التعاون تضمن أمن واستقرار دول المجلس، مما يجعل دعوة ميلوني للشراكة الأمنية أكثر أهمية وتوقيتًا.