في خطوة تعكس التوافق الخليجي حول القضايا المحورية في المنطقة، وجه الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، جاسم البديوي، شكره وتقديره إلى المملكة العربية السعودية على دورها الريادي في قيادة الجهود الدولية الرامية إلى تنفيذ حل الدولتين. جاء ذلك خلال كلمته في أعمال الدورة السادسة والأربعين للمجلس الأعلى لمجلس التعاون، التي انطلقت في العاصمة البحرينية المنامة، وسط تحديات إقليمية ودولية متصاعدة.
وأكد البديوي أن القضية الفلسطينية تظل قضية مركزية لدول المجلس، مشدداً على ضرورة إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. وتأتي هذه التصريحات لتؤكد على الموقف الخليجي الثابت والموحد تجاه القضية، والذي تعتبره أساساً لتحقيق الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط.
السياق التاريخي للدور السعودي
إن إشادة الأمين العام بالدور السعودي لا تأتي من فراغ، بل تستند إلى تاريخ طويل من الدعم الدبلوماسي والسياسي الذي قدمته المملكة للقضية الفلسطينية. ويعد أبرز هذه الجهود مبادرة السلام العربية التي أطلقها الملك عبد الله بن عبد العزيز (ولي العهد آنذاك) في قمة بيروت عام 2002، والتي تبنتها جامعة الدول العربية. وتقوم المبادرة على مبدأ “الأرض مقابل السلام”، وتقدم تطبيعاً كاملاً للعلاقات بين الدول العربية وإسرائيل مقابل انسحابها من الأراضي المحتلة وإقامة دولة فلسطينية مستقلة، وهو ما يمثل جوهر حل الدولتين الذي تدعمه الشرعية الدولية.
أهمية القمة في ظل التحديات الراهنة
تنعقد القمة الخليجية الـ46 في ظل ظروف بالغة الحساسية، خاصة مع استمرار الحرب في قطاع غزة وتداعياتها الإنسانية والأمنية على المنطقة بأسرها. وقد رحب البديوي بالجهود الدبلوماسية التي تبذلها قطر ومصر والولايات المتحدة وتركيا للتوصل إلى وقف لإطلاق النار، مؤكداً أن الجهود الخليجية، بقيادة السعودية، تهدف إلى حشد الدعم الدولي لوقف دائم للأعمال العدائية والعودة إلى مسار سياسي جاد. إن توحيد الموقف الخليجي في هذا التوقيت الحرج يبعث برسالة قوية إلى المجتمع الدولي حول ضرورة التحرك الفوري لحماية المدنيين وتطبيق قرارات الشرعية الدولية.
التأثير الإقليمي والدولي
إن الدور الذي تلعبه المملكة العربية السعودية، بدعم من دول مجلس التعاون، يتجاوز حدود الدعم السياسي ليشمل حراكاً دبلوماسياً مكثفاً على الساحة الدولية. ويهدف هذا الحراك إلى بناء إجماع دولي حول حتمية حل الدولتين كسبيل وحيد لإنهاء الصراع وضمان أمن واستقرار المنطقة على المدى الطويل. كما تركز القمة على ملفات أخرى لا تقل أهمية، مثل “الدفاع الخليجي المشترك”، الذي يهدف إلى تعزيز التكامل الأمني والعسكري بين دول المجلس لمواجهة التحديات المشتركة وصياغة مرحلة جديدة من التعاون الاستراتيجي.