أسعار الذهب والفضة تسجلان مكاسب قوية
عادت أسعار الذهب للارتفاع في تداولات اليوم الأربعاء، معوضة خسائر الجلسة السابقة، في ظل تمسك المستثمرين بآمال قوية في أن يبدأ مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) دورة تيسير نقدي عبر خفض أسعار الفائدة خلال اجتماعه المرتقب هذا الشهر. وفي تحرك لافت، قفزت أسعار الفضة إلى أعلى مستوى لها في أكثر من عقد، مدعومة بالزخم الإيجابي في أسواق المعادن الثمينة والطلب الصناعي المتزايد.
وفي تفاصيل التداولات، ارتفع سعر الذهب في المعاملات الفورية بنسبة تقارب 0.4% ليتداول قرب مستوى 2440 دولاراً للأوقية (الأونصة)، بعد أن كان قد شهد تراجعاً في الجلسة الماضية. كما صعدت العقود الآجلة للذهب الأمريكي بنسبة 0.8% لتستقر فوق مستوى 2450 دولاراً. أما الفضة، فقد واصلت أداءها القوي مرتفعة بنسبة 0.4% لتتجاوز 32.50 دولاراً للأوقية، بعد أن سجلت في وقت سابق من الجلسة مستوى قياسياً جديداً هو الأعلى منذ سنوات.
السياق العام وتوقعات السياسة النقدية
يأتي هذا الأداء القوي للمعادن الثمينة في سياق اقتصادي دقيق. تاريخياً، يُعتبر الذهب والفضة من الملاذات الآمنة التي يلجأ إليها المستثمرون في أوقات عدم اليقين الاقتصادي والتوترات الجيوسياسية. كما أن علاقتهما بأسعار الفائدة الأمريكية علاقة عكسية؛ فخفض أسعار الفائدة يقلل من تكلفة الفرصة البديلة لحيازة المعادن التي لا تدر عائداً، مثل الذهب، مما يزيد من جاذبيتها الاستثمارية. بالإضافة إلى ذلك، يؤدي خفض الفائدة عادةً إلى إضعاف الدولار الأمريكي، وهو ما يجعل الذهب المسعر بالدولار أرخص ثمناً للمشترين بعملات أخرى، وبالتالي يزداد الطلب عليه.
وقد عززت البيانات الاقتصادية الأمريكية الصادرة مؤخراً، والتي أظهرت تباطؤاً طفيفاً في بعض القطاعات، من توقعات الأسواق بأن يتجه الفيدرالي نحو تخفيف سياسته النقدية المشددة التي اتبعها خلال العامين الماضيين لكبح جماح التضخم. وتشير تقديرات العقود الآجلة لأسعار الفائدة حالياً إلى احتمالية تصل إلى 89% بأن يقوم البنك المركزي بخفض الفائدة في اجتماعه المقرر يومي 9 و10 ديسمبر، وهي نسبة أعلى من تقديرات الأسبوع الماضي التي كانت عند 85%.
أهمية الحدث وتأثيره المتوقع
إن أي قرار بخفض الفائدة من قبل أكبر اقتصاد في العالم سيكون له تأثيرات واسعة النطاق. على الصعيد الدولي، من المتوقع أن يدعم هذا القرار أسعار السلع والمعادن بشكل عام، ويعزز من شهية المخاطرة في الأسواق العالمية. بالنسبة للذهب، قد يفتح الباب أمام موجة صعود جديدة نحو مستويات قياسية غير مسبوقة، خاصة مع استمرار البنوك المركزية حول العالم في زيادة احتياطياتها من المعدن الأصفر كأداة لتنويع الأصول والتحوط من تقلبات العملات.
أما الفضة، فتستفيد بشكل مزدوج؛ فهي من ناحية معدن ثمين يتأثر بنفس العوامل التي تؤثر على الذهب، ومن ناحية أخرى هي معدن صناعي حيوي يدخل في صناعات استراتيجية مثل الألواح الشمسية والسيارات الكهربائية وتقنيات الجيل الخامس (5G)، مما يجعل الطلب عليها مرتبطاً أيضاً بالنمو الاقتصادي والتحول نحو الطاقة النظيفة. وبالنسبة للمعادن النفيسة الأخرى، شهد البلاتين ارتفاعاً بنسبة 0.3% ليصل إلى 1038 دولاراً، بينما استقر البلاديوم عند 962 دولاراً.