السعودية ترسخ مكانتها كقائد عالمي في الاقتصاد الرقمي
في خطوة استراتيجية تعكس طموحاتها الاقتصادية العالمية، أعلنت المملكة العربية السعودية عن قيادتها لملف قياس التجارة الإلكترونية على مستوى العالم، وذلك بالتعاون مع مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد). جاء هذا الإعلان على لسان نائب وزير التجارة والرئيس التنفيذي للمركز الوطني للتنافسية، الدكتورة إيمان بنت هبّاس المطيري، خلال مشاركتها في جلسة فريق عمل “الأونكتاد” المعني بقياس قيمة التجارة الإلكترونية (TG-eCOM)، والتي استضافتها منظمة التجارة العالمية (WTO) في جنيف.
وأكدت الدكتورة المطيري أن هذه المبادرة تأتي كأحد ثمار رؤية المملكة 2030، التي قادت البلاد لتحقيق قفزات نوعية ومستمرة في بناء اقتصاد تنافسي ومتنوع، مما يعزز مكانتها الاقتصادية عالميًا. وتهدف الشراكة إلى بناء إطار شامل وموحد لقياس جميع أشكال التجارة الإلكترونية، سواء كانت محلية أو دولية، بما في ذلك التعاملات بين الشركات والمستهلكين (B2C)، وبين الشركات وبعضها البعض (B2B)، وبين الشركات والقطاع الحكومي (B2G).
رؤية 2030: المحرك الرئيسي للتحول الرقمي
تُعد هذه الخطوة امتدادًا طبيعيًا لأهداف رؤية 2030، التي تضع التحول الرقمي وتنويع مصادر الدخل على رأس أولوياتها. فمنذ إطلاق الرؤية، عملت المملكة على تطوير بنية تحتية رقمية متقدمة، وسن تشريعات محفزة، وتشجيع تبني التقنيات الحديثة في كافة القطاعات. وقد أدى ذلك إلى نمو هائل في سوق التجارة الإلكترونية المحلي، الذي من المتوقع أن يصل حجمه إلى حوالي 15.4 مليار دولار أمريكي بحلول نهاية عام 2025. إن قيادة ملف القياس العالمي لا يعكس فقط نضج السوق السعودي، بل يضعه أيضًا في موقع صانع للمعايير الدولية.
أهمية توحيد مقاييس التجارة الإلكترونية عالميًا
تكمن أهمية هذه المبادرة في معالجة تحدٍ عالمي قائم، وهو غياب إطار موحد لقياس حجم وقيمة التجارة الإلكترونية. ففي الوقت الحالي، تستخدم الدول المختلفة منهجيات متباينة، مما يجعل من الصعب مقارنة البيانات وفهم حجم السوق العالمي بدقة. وأوضح توربيورن فريدريكسون، رئيس قسم التجارة الإلكترونية والاقتصاد الرقمي في “الأونكتاد”، أن التعاون مع السعودية سيمكّن الفريق من قياس حجم التجارة الإلكترونية عالميًا بطريقة صحيحة، مشيرًا إلى أن خبرة المملكة في التنفيذ السريع والفعال للإصلاحات الاقتصادية تجعلها الشريك المثالي لإطلاق هذا النموذج التجريبي الذي ستستفيد منه جميع الدول لاحقًا.
التأثيرات المتوقعة على الأصعدة المحلية والدولية
من المتوقع أن يكون لهذه المبادرة تأثيرات إيجابية واسعة. فعلى الصعيد المحلي، سيوفر الإطار الجديد بيانات دقيقة تساعد صانعي السياسات على اتخاذ قرارات مستنيرة لدعم نمو القطاع، وتحفيز الشركات الصغيرة والمتوسطة، وتعزيز كفاءة الخدمات اللوجستية وأنظمة المدفوعات الرقمية. أما على الصعيد الدولي، فإن عرض هذا النموذج في منظمة التجارة العالمية سيمكن الدول الأخرى من مواكبة التحول الجذري الذي تحدثه التجارة الإلكترونية في الاقتصاد العالمي، والذي يُتوقع أن يصل حجمه إلى 3.6 تريليونات دولار أمريكي بنهاية 2025. كما سيعزز الشمولية الاقتصادية من خلال إتاحة فرص جديدة لمختلف المناطق والفئات السكانية حول العالم، وترسيخ مكانة المملكة كشريك فاعل وموثوق في صياغة مستقبل الاقتصاد الرقمي العالمي.