نظرة عامة على الميزانية التقديرية لعام 2026
أعلنت وزارة المالية السعودية عن الميزانية التقديرية للمملكة لعام 2026، والتي تعكس استمرار الالتزام بالإنفاق الاستراتيجي لدفع عجلة التحول الاقتصادي الوطني ضمن إطار “رؤية السعودية 2030”. قدرت الوزارة إجمالي الإيرادات بنحو 1.147 تريليون ريال، في حين تم اعتماد مصروفات تصل إلى 1.313 تريليون ريال، مما ينتج عنه عجز متوقع يبلغ حوالي 165 مليار ريال، وهو ما يمثل نسبة 3.3% من الناتج المحلي الإجمالي.
السياق الاقتصادي: ميزانية في قلب رؤية 2030
تأتي هذه الميزانية في سياق مرحلة حاسمة من مسيرة التحول الاقتصادي التي تشهدها المملكة. منذ إطلاق رؤية 2030 في عام 2016، عملت الحكومة السعودية على إعادة هيكلة اقتصادها لتقليل الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي للدخل، وتعزيز الإيرادات غير النفطية. وتُعد ميزانية 2026 أداة رئيسية لتنفيذ هذه الاستراتيجية، حيث توجه النفقات نحو القطاعات الواعدة مثل السياحة، والترفيه، والتكنولوجيا، والصناعات المتقدمة، بالإضافة إلى تطوير البنية التحتية الضخمة والمشاريع الكبرى التي تهدف إلى جذب الاستثمارات الأجنبية وخلق فرص عمل جديدة للمواطنين. يعكس هيكل الإيرادات هذا التوجه، حيث تشكل الضرائب جزءاً مهماً ومتنامياً من الدخل الحكومي.
تفاصيل الإيرادات والمصروفات
كشف البيان التفصيلي لوزارة المالية عن مكونات الإيرادات والنفقات المتوقعة لعام 2026، والتي جاءت على النحو التالي:
مصادر الإيرادات:
- الضرائب: 412 مليار ريال (تشمل ضرائب على السلع والخدمات بقيمة 33 مليار ريال، وضرائب على التجارة والمعاملات الدولية بـ 28 مليار ريال، وضرائب أخرى بـ 39 مليار ريال).
- إيرادات أخرى: 735 مليار ريال (وتشمل بشكل أساسي الإيرادات النفطية).
أوجه المصروفات:
- النفقات التشغيلية: 1.151 تريليون ريال (منها 584 مليار ريال لتعويضات العاملين و247 مليار ريال للسلع والخدمات).
- نفقات التمويل: 64 مليار ريال.
- المنافع الاجتماعية: 99 مليار ريال.
- النفقات الرأسمالية: 162 مليار ريال، وهي موجهة للمشاريع التنموية والبنية التحتية.
توزيع الإنفاق على القطاعات الحيوية
تؤكد الميزانية على أولويات الحكومة من خلال توزيع الإنفاق على القطاعات الرئيسية، حيث حظيت قطاعات الدفاع والأمن والتعليم والصحة بالنصيب الأكبر، مما يعكس الأهمية القصوى التي توليها الدولة لضمان الأمن القومي وتنمية رأس المال البشري وتوفير رعاية صحية عالية الجودة للمواطنين. وجاء توزيع الإنفاق كما يلي:
- القطاع العسكري: 240 مليار ريال.
- الصحة والتنمية الاجتماعية: 259 مليار ريال.
- التعليم: 202 مليار ريال.
- الأمن والمناطق الإدارية: 120 مليار ريال.
- الموارد الاقتصادية: 92 مليار ريال.
- الخدمات البلدية: 72 مليار ريال.
- التجهيزات الأساسية والنقل: 35 مليار ريال.
الأهمية والتأثير المتوقع
على الصعيد المحلي، تهدف الميزانية إلى تحسين جودة حياة المواطنين من خلال الإنفاق السخي على الخدمات الأساسية، مع الاستمرار في تنفيذ المشاريع الكبرى التي ستوفر فرصاً اقتصادية واعدة. أما إقليمياً ودولياً، فترسخ هذه الميزانية مكانة السعودية كأكبر اقتصاد في الشرق الأوسط ومحرك رئيسي للنمو في المنطقة. كما أن استمرار الإنفاق على المشاريع الضخمة يعزز ثقة المستثمرين الدوليين في الاقتصاد السعودي ويجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وهو أمر حيوي لنجاح رؤية 2030.
الدين العام والسيناريوهات المستقبلية
أشار بيان الوزارة إلى أن الدين العام المتوقع سيصل إلى 1.622 تريليون ريال، أي ما يعادل 32.7% من الناتج المحلي الإجمالي، وهي نسبة تظل ضمن الحدود الآمنة والمقبولة دولياً. ولإظهار مرونة التخطيط المالي، عرضت الوزارة ثلاثة سيناريوهات محتملة للإيرادات والعجز، مما يعكس استعدادها للتعامل مع تقلبات أسواق الطاقة العالمية وضمان الاستدامة المالية على المدى الطويل.