في تطور قضائي مدوٍ، أدانت هيئة محلفين في محكمة اتحادية بنيويورك رئيس هندوراس السابق، خوان أورلاندو هيرنانديز، بالتآمر لتهريب مئات الأطنان من الكوكايين إلى الولايات المتحدة. ويمثل هذا الحكم نهاية دراماتيكية لمسيرة سياسية طويلة لرجل كان يُعتبر يومًا حليفًا رئيسيًا لواشنطن في حربها على المخدرات في أمريكا الوسطى، ليكشف عن وجه آخر له كراعٍ لدولة مخدرات.
أدين هيرنانديز، الذي حكم هندوراس لفترتين رئاسيتين من عام 2014 إلى عام 2022، بثلاث تهم خطيرة: التآمر لاستيراد الكوكايين، وحيازة أسلحة رشاشة وأجهزة مدمرة، والتآمر لحيازة تلك الأسلحة. ويواجه الرئيس السابق الآن عقوبة إلزامية لا تقل عن 40 عامًا في السجن، وقد تصل إلى السجن مدى الحياة.
السياق العام: من الرئاسة إلى قفص الاتهام
صعد خوان أورلاندو هيرنانديز إلى السلطة واعدًا بتطبيق سياسة “القبضة الحديدية” ضد الجريمة المنظمة وعصابات المخدرات التي تعصف ببلاده. وخلال فترة رئاسته، تعاون بشكل وثيق مع الإدارات الأمريكية المتعاقبة، بما في ذلك إدارة الرئيس دونالد ترامب، وسلم العشرات من مهربي المخدرات الهندوراسيين إلى الولايات المتحدة. إلا أن الادعاء الأمريكي كشف خلال المحاكمة أن هذا التعاون كان مجرد واجهة لإخفاء تورطه العميق في شبكات الجريمة.
وفقًا للمدعين العامين، استخدم هيرنانديز عائدات المخدرات لتمويل صعوده السياسي، وقام بحماية كبار تجار المخدرات، بما في ذلك شقيقه توني هيرنانديز الذي أدين بنفس التهم في عام 2019، مقابل رشاوى بملايين الدولارات. كما اتُهم باستخدام الجيش والشرطة الوطنية لتأمين شحنات الكوكايين أثناء عبورها هندوراس في طريقها إلى الشمال.
أهمية الحدث وتأثيره المتوقع
تعتبر إدانة هيرنانديز حدثًا فارقًا على عدة مستويات. فعلى الصعيد المحلي في هندوراس، تمثل الإدانة تأكيدًا لما كان يتردد لسنوات حول الفساد المستشري في أعلى مستويات السلطة، وقد تفتح الباب أمام محاسبة المزيد من المسؤولين المتورطين. كما أنها تضع ضغوطًا هائلة على النظام السياسي والقضائي في البلاد لإجراء إصلاحات حقيقية.
إقليميًا، تبعث القضية برسالة قوية إلى النخب السياسية الفاسدة في جميع أنحاء أمريكا اللاتينية بأن لا أحد فوق القانون، وأن القضاء الأمريكي لديه القدرة على الوصول إليهم حتى بعد تركهم للسلطة. أما على الصعيد الدولي، فتثير القضية تساؤلات جدية حول السياسة الخارجية الأمريكية وكيفية اختيارها لحلفائها في الحرب على المخدرات، حيث دعمت واشنطن هيرنانديز لسنوات على الرغم من التحذيرات المتزايدة بشأن صلاته بالجريمة المنظمة.