تحتضن العاصمة السعودية الرياض فعاليات النسخة الرابعة من مؤتمر “بلاك هات” الشرق الأوسط وأفريقيا 2025، الحدث الأضخم في قطاع الأمن السيبراني، والذي انطلقت أعماله اليوم في مركز الرياض للمعارض والمؤتمرات (ملهم). يُنظم هذا التجمع العالمي الضخم من قبل الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز وشركة “تحالف”، ويستمر على مدار ثلاثة أيام من 2 إلى 4 ديسمبر، ليجمع تحت سقف واحد نخبة من الخبراء والمبتكرين والشركات الرائدة من مختلف أنحاء العالم.
خلفية تاريخية وسياق عالمي
يعتبر “بلاك هات” أكثر من مجرد مؤتمر؛ فهو مؤسسة عالمية مرموقة في مجال الأمن السيبراني. تأسس الحدث لأول مرة في لاس فيغاس عام 1997، وسرعان ما أصبح المنصة الأبرز للكشف عن أحدث الأبحاث والثغرات والاتجاهات في أمن المعلومات. إن توسع “بلاك هات” ليشمل منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا هو شهادة على الأهمية المتزايدة للمنطقة في المشهد الرقمي العالمي، وحاجتها الماسة إلى أطر عمل سيبرانية قوية لمواكبة التطورات. وتأتي نسخة الرياض لتبني على هذا الإرث العريق، مقدمةً خبرات عالمية المستوى لمنطقة تشهد تحولًا رقميًا متسارعًا.
أهمية استراتيجية تتماشى مع رؤية 2030
لم يكن اختيار الرياض لاستضافة هذا الحدث محض صدفة، بل ينسجم تمامًا مع مستهدفات رؤية السعودية 2030، التي تضع التحول الرقمي في صميم أولوياتها. فمع تنويع المملكة لاقتصادها وتبنيها للتقنيات الحديثة، أصبح تأمين بنيتها التحتية الرقمية أولوية وطنية قصوى. وأكد الرئيس التنفيذي للاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز، متعب القني، أن استضافة “بلاك هات” ترسخ مكانة الرياض كمركز عالمي لصناعة الأمن السيبراني، ووجهة رئيسة لكبرى الشركات والجهات المتخصصة، مما يعزز بيئة آمنة للاستثمار والابتكار.
مشاركة قياسية وفرص استثمارية واعدة
شهدت دورة هذا العام مشاركة استثنائية تجاوزت 50 ألف مختص وزائر من 163 دولة، مما يجعله أكبر تجمع من نوعه عالميًا. وأوضح القني أن نسخة 2025 تضم أكثر من 500 شركة، تشكل الشركات الدولية منها نسبة 66%، إلى جانب 300 متحدث يقدمون ما يزيد على 200 ساعة من المحتوى التقني المتخصص، بزيادة قدرها 35% عن العام الماضي. كما أن نسبة الحضور من كبار التنفيذيين بلغت 50%، وهو ما يعكس التأثير المتصاعد للحدث على بيئة الأعمال والفرص الاستثمارية في المملكة.
منصة لإطلاق الشركات الناشئة وتطوير الكفاءات
يُعد “بلاك هات” محركًا قويًا للابتكار وحاضنة للشركات الناشئة. وقد شهد حفل الافتتاح استعراض قصص نجاح لشركات انطلقت من دورات سابقة، مثل DataLexing التي توسعت أعمالها لتشمل 41 دولة، وSpidersilk التي جمعت تمويلًا بقيمة 9 ملايين دولار، وSolidrange التي حققت نموًا فاق 450% خلال عام واحد. وعلى صعيد تطوير الكفاءات، أُطلق برنامج تدريبي مكثف يمتد لخمسة أيام بالشراكة مع جهات عالمية مثل CQURE وOffSec، بهدف صقل مهارات المتخصصين وتزويدهم بأحدث الخبرات، بالإضافة إلى إشراك مئات الشباب من منطقة ملهم في فرق التنظيم والعمل.
وتستمر فعاليات المؤتمر متضمنة ورش عمل متقدمة، وجلسات حوارية، ومنصات للابتكار، بالإضافة إلى مسابقة الشركات الناشئة التي تمنح الفائز فرصة المشاركة في “بلاك هات” الولايات المتحدة 2026، مما يفتح آفاقًا عالمية جديدة للمواهب في المنطقة.