شهدت أسعار الذهب انخفاضًا ملحوظًا في تعاملات اليوم، حيث تراجعت بنسبة تقارب واحدًا بالمئة، متأثرة بشكل مباشر بالضغوط الناجمة عن ارتفاع عوائد سندات الخزانة الأمريكية. يأتي هذا التراجع بعد موجة من جني الأرباح من قبل المستثمرين، عقب وصول المعدن الأصفر في الجلسة السابقة إلى أعلى مستوياته في ستة أسابيع، مما يعكس حساسية أسواق المعادن الثمينة للبيانات الاقتصادية والسياسات النقدية العالمية.
السياق العام: العلاقة العكسية بين الذهب والسندات
لفهم هذا التراجع، من الضروري إدراك العلاقة العكسية التاريخية بين أسعار الذهب وعوائد سندات الخزانة الأمريكية. يُعتبر الذهب أصلًا لا يدر عائدًا (فائدة)، مما يجعله أقل جاذبية للمستثمرين عندما ترتفع عوائد الأصول المنافسة التي توفر دخلاً ثابتًا، مثل السندات الحكومية. فعندما ترتفع عوائد سندات الخزانة الأمريكية، يزداد ما يسمى بـ “تكلفة الفرصة البديلة” للاحتفاظ بالذهب، مما يدفع المستثمرين إلى بيع المعدن الأصفر والتوجه نحو السندات لتحقيق عوائد مضمونة، وهو ما يضغط على أسعار الذهب نحو الانخفاض.
أهمية الحدث وتأثيره المتوقع
يمتد تأثير هذه التحركات إلى ما هو أبعد من مجرد أرقام على الشاشة. على الصعيد الدولي، يؤثر تراجع الذهب على احتياطيات البنوك المركزية حول العالم، والتي تحتفظ بكميات كبيرة منه كجزء من أصولها. كما يؤثر على قرارات كبار المستثمرين وصناديق التحوط التي تستخدم الذهب كأداة للتحوط ضد التضخم والاضطرابات الجيوسياسية. أما على الصعيد المحلي والإقليمي، خاصة في أسواق مثل منطقة الخليج العربي التي تشهد إقبالًا كبيرًا على شراء الذهب سواء للزينة أو الاستثمار، فإن انخفاض الأسعار قد يحفز حركة الشراء لدى المستهلكين الأفراد، بينما قد يثير قلق المستثمرين الذين يتطلعون إلى استقرار الأسعار على المدى القصير.
أداء المعادن الثمينة الأخرى
لم يقتصر التأثير على الذهب وحده، بل امتد إلى المعادن الثمينة الأخرى. فقد تراجعت الفضة أيضًا بعد أن سجلت مستوى قياسيًا في اليوم السابق، حيث انخفضت بنسبة 0.9% لتصل إلى حوالي 29.23 دولارًا للأوقية، بعد أن كانت قد لامست مستوى 29.50 دولارًا. وفي المعادن الأخرى، شهد البلاتين تراجعًا بنسبة 2.1% ليصل إلى 969.56 دولارًا، بينما ارتفع البلاديوم عكس التيار بنسبة 1.3% مسجلاً 962.22 دولارًا للأوقية، مدفوعًا بعوامل العرض والطلب الخاصة به في القطاع الصناعي، خاصة صناعة السيارات.
في تفاصيل الأسعار، انخفض الذهب في المعاملات الفورية بنسبة 0.7% ليصل إلى 2323.50 دولارًا للأوقية (الأونصة)، بعد أن انخفض بأكثر من واحد بالمئة في وقت سابق من الجلسة. كما تراجعت العقود الأمريكية الآجلة للذهب تسليم فبراير بنسبة 0.9% لتستقر عند 2338.50 دولارًا للأوقية. يترقب المستثمرون الآن أي بيانات اقتصادية جديدة أو تصريحات من مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي قد تعطي مؤشرات حول المسار المستقبلي لأسعار الفائدة، والتي ستظل المحرك الرئيسي لأسواق الذهب في الفترة القادمة.