في خطوة تعكس مكانتها المتنامية كمركز عالمي رائد، تستعد العاصمة السعودية الرياض لاستضافة أعمال الدورة الـ 61 للمؤتمر العالمي لمخططي المدن والأقاليم (ISOCARP)، الذي يُعقد برعاية كريمة من صاحب السمو الأمير الدكتور فيصل بن عبدالعزيز بن عياف، أمين منطقة الرياض. يجمع هذا الحدث الدولي البارز، المقرر عقده بين 1 و4 ديسمبر 2025، نخبة من الخبراء والمخططين وصناع القرار من مختلف أنحاء العالم، بهدف وضع خارطة طريق عالمية لمستقبل التخطيط الحضري، وتعزيز صمود المدن وتحسين جودة الحياة لسكانها.
السياق العام: رؤية 2030 كمحرك للتنمية الحضرية
تأتي استضافة هذا المؤتمر في وقت حاسم تشهد فيه المملكة العربية السعودية تحولاً تاريخياً شاملاً بقيادة رؤية المملكة 2030. وتُعد الرياض، قلب المملكة النابض، مسرحاً لأضخم المشاريع الحضرية في العالم، حيث تسعى لتحقيق قفزة نوعية في بنيتها التحتية ومرافقها العامة. وفي كلمته الافتتاحية، أشار سمو أمين منطقة الرياض إلى المسيرة المذهلة للمدينة، التي تحولت من بلدة صغيرة يسكنها 50 ألف نسمة في منتصف القرن العشرين، إلى حاضرة عالمية يتجاوز عدد سكانها اليوم 8 ملايين نسمة. هذا النمو الهائل ليس مجرد زيادة ديموغرافية، بل هو انعكاس لطموح وطني يهدف إلى جعل الرياض واحدة من أكبر عشرة اقتصادات مدن في العالم.
أهمية الحدث وتأثيره العالمي
يكتسب المؤتمر أهمية خاصة كونه منصة لتبادل الخبرات ومناقشة التحديات المشتركة التي تواجه المدن عالمياً، مثل التغير المناخي، والنمو السكاني المتسارع، والتحول الرقمي. ومن المتوقع أن تسهم النقاشات والتوصيات الصادرة عن المؤتمر في تشكيل سياسات حضرية أكثر استدامة وشمولية. إن اختيار الرياض لاستضافة هذا الحدث، الذي يتزامن مع اليوبيل الماسي للجمعية الدولية لمخططي المدن والأقاليم (ISOCARP) ومرور 60 عاماً على تأسيسها، يؤكد على الدور المحوري الذي تلعبه المملكة في قيادة الحوار العالمي حول مستقبل المدن الذكية والمستدامة.
محاور رئيسية لمستقبل المدن
تركز أجندة المؤتمر على محاور استراتيجية حيوية. فكما وصفت الدكتورة نادين البيطار، المقرر العام للمجلس، فإن “المرونة الحضرية” لم تعد خياراً تقنياً بل أصبحت مساراً حتمياً لمواجهة التحديات المناخية. ويناقش الخبراء سبل بناء مدن قادرة على التكيف مع الصدمات البيئية والاقتصادية. وفي سياق متصل، شددت وفاء الديلي، عضو مجلس إدارة (ISOCARP)، على أهمية التخطيط الشامل الذي يضع المرأة والشباب في قلب عملية التحول الحضري، مؤكدة أن العدالة الحضرية والتوازن بين الأحياء المختلفة هما حجر الزاوية لبناء مجتمعات متماسكة. كما يستشرف المؤتمر دور التقنيات الحديثة، حيث يبحث آليات التخطيط المعتمد على البيانات والذكاء الاصطناعي لإدارة الموارد والبنى التحتية بكفاءة أعلى.
من النظرية إلى التطبيق: مبادرات ونتائج ملموسة
لا يقتصر المؤتمر على الجلسات النظرية، بل يتضمن جدول أعماله ورش عمل تخصصية وجولات ميدانية تتيح للمشاركين الاطلاع على المشاريع العملاقة في الرياض، مثل مشروع “الرياض الخضراء” و”المسار الرياضي”، وفهم حجم التحول على أرض الواقع. كما سيتم إطلاق مبادرات نوعية، أبرزها مبادرة “المخططين الشباب”، لتمكين الجيل الجديد من المساهمة بأفكارهم المبتكرة. وفي ختام كلمته، أعرب الأمير فيصل بن عياف عن تطلعه لأن يخرج المؤتمر بتوصيات عملية قابلة للتطبيق، تساهم في بناء مستقبل أكثر إشراقاً وازدهاراً للمدن وسكانها حول العالم، لتكون الرياض مصدر إلهام ونقطة انطلاق نحو غدٍ أفضل.