في إنجاز طبي لافت، تمكن فريق متخصص متعدد التخصصات في مستشفى الملك فهد بالهفوف، التابع لتجمع الأحساء الصحي، من إعادة الأمل لمريضة كانت تعاني من حالة متقدمة من التهاب المفاصل الروماتويدي، مما أفقدها القدرة على الحركة وجعلها حبيسة الكرسي المتحرك. وبفضل خطة علاجية وتأهيلية متكاملة، استعادت المريضة قدرتها على المشي والحركة باستقلالية، منهيةً فصلاً طويلاً من المعاناة والاعتماد على الآخرين.
تشخيص دقيق لحالة معقدة
وصلت المريضة إلى عيادات التأهيل في المستشفى وهي تعاني من أعراض شديدة، شملت ضعفاً حاداً في عضلات الأطراف السفلية وصعوبة بالغة في أداء أبسط المهام اليومية كالجلوس والوقوف. وبعد إجراء الفحوصات السريرية والتشخيصية اللازمة، كشف التقييم الطبي عن وجود تحديات متعددة، أبرزها محدودية كبيرة في المدى الحركي لمفاصل الحوض والكاحل، وضمور عضلي ملحوظ، بالإضافة إلى وجود فرق في طول الطرفين السفليين، وخلل في أربطة الركبة أثر بشكل مباشر على توازنها واستقرارها أثناء محاولة الوقوف.
السياق الطبي: التهاب المفاصل الروماتويدي وتأثيره
يُعد التهاب المفاصل الروماتويدي مرضاً مناعياً ذاتياً مزمناً، يهاجم فيه الجهاز المناعي مفاصل الجسم بالخطأ، مسبباً التهاباً وألماً وتورماً، وقد يؤدي في الحالات المتقدمة إلى تآكل العظام وتشوه المفاصل وفقدان القدرة على الحركة. يؤثر المرض بشكل كبير على جودة حياة المصابين به، ويجعلهم يعتمدون على الغير في أنشطتهم اليومية. وتتطلب الحالات المعقدة مثل حالة هذه المريضة نهجاً علاجياً شاملاً لا يقتصر على الأدوية، بل يمتد ليشمل العلاج الطبيعي والتأهيلي والأجهزة التعويضية لتحقيق أفضل النتائج الممكنة.
خطة علاجية متكاملة وتدخل تقني مبتكر
بناءً على التشخيص الدقيق، وضع الفريق الطبي خطة علاجية مكثفة ومتكاملة. بدأت الخطة بجلسات علاج طبيعي ركزت على تمارين دقيقة لزيادة المدى الحركي للمفاصل المتأثرة وتمارين الإطالة. تدرجت الخطة بعد ذلك لتشمل تمارين التقوية العضلية المستهدفة، وتمارين تحسين التوازن، وصولاً إلى تدريبات انتقالية لتهيئة الجسم للحركة والمشي. وخلال مراحل تدريب المشي، واجه الفريق تحديات بيو-ميكانيكية استدعت تدخلاً تقنياً، حيث تمت إحالة المريضة إلى قسم الأطراف الصناعية الذي صمم وصنّع حذاءً طبياً بمواصفات خاصة. لعب هذا الحذاء دوراً محورياً في تصحيح المحاذاة الحركية للجسم، ومعالجة فرق الطول بين الساقين، مما رفع من كفاءة المشي بشكل كبير.
أهمية تكامل التخصصات في تحقيق رؤية 2030 الصحية
يُبرز هذا النجاح أهمية النموذج الحديث للرعاية الصحية القائم على تكامل التخصصات، والذي يُعد ركيزة أساسية في استراتيجية التحول الصحي ضمن رؤية المملكة 2030. فمن خلال تضافر جهود أطباء العلاج الطبيعي، والطب التأهيلي، وجراحة العظام، ومختصي الأطراف الصناعية، تمكن الفريق من تقديم رعاية شاملة ومخصصة للمريضة. هذا النموذج لا يساهم فقط في تحسين النتائج العلاجية للحالات المعقدة، بل يعزز أيضاً من كفاءة النظام الصحي ويرفع من جودة حياة المرضى، وهو ما يعكس التطور الكبير الذي يشهده القطاع الصحي في المملكة. وقد أثمر هذا التعاون عن تحسن مذهل، حيث نجحت المريضة في المشي لمسافات قصيرة واستعادة جزء كبير من استقلاليتها المفقودة، مما يمثل قصة نجاح ملهمة.