في خطوة مفاجئة هزت الأوساط الكروية الأفريقية، أعلن الاتحاد الكاميروني لكرة القدم، برئاسة النجم السابق سامويل إيتو، عن إقالة المدرب البلجيكي مارك بريس من منصبه كمدير فني للمنتخب الوطني، وذلك قبل 20 يوماً فقط من انطلاق بطولة كأس الأمم الإفريقية المرتقبة في المغرب. ويأتي هذا القرار تتويجاً لأشهر من الصراع المفتوح بين المدرب والاتحاد، ليتم تعيين المدرب الوطني دافيد باغو بديلاً له في محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل البطولة القارية.
خلفيات الصراع: معركة نفوذ بين الاتحاد والوزارة
لم تكن العلاقة بين مارك بريس والاتحاد الكاميروني لكرة القدم ودية منذ البداية. ففي أبريل 2024، تم تعيين المدرب البلجيكي بقرار من وزارة الرياضة الكاميرونية، وهو ما اعتبره الاتحاد ورئيسه سامويل إيتو تدخلاً مباشراً في صلاحياته. هذا التعيين “المفروض” أشعل فتيل أزمة عميقة، حيث رأى إيتو فيه تقويضاً لسلطة الاتحاد الذي يرأسه. تجلت هذه التوترات في عدة مواقف، كان أبرزها المشادة الكلامية العنيفة التي وقعت بين إيتو وبريس وتم تصويرها، والتي كشفت عن حجم الخلافات الشخصية والمؤسسية التي تعصف بكرة القدم في البلاد. هذه الحادثة لم تكن مجرد خلاف عابر، بل كانت رمزاً لمعركة نفوذ أوسع بين هيئتين رئيسيتين في إدارة الرياضة الكاميرونية.
تأثير القرار على استعدادات “الأسود غير المروضة”
تأتي إقالة بريس في توقيت حرج للغاية، حيث يستعد منتخب “الأسود غير المروضة” للمشاركة في كأس الأمم الإفريقية، المقرر إقامتها في المغرب من 21 ديسمبر حتى 18 يناير المقبلين. إن تغيير الجهاز الفني قبل أقل من ثلاثة أسابيع من بطولة كبرى يعد مخاطرة كبيرة قد تؤثر سلباً على استقرار الفريق وتجانس اللاعبين. سيجد المدرب الجديد، دافيد باغو (56 عاماً)، نفسه أمام تحدٍ هائل لفرض فلسفته التكتيكية وتوحيد صفوف اللاعبين في وقت قياسي. وقد برر الاتحاد قراره بتقديم قائمة من 11 شكوى ضد بريس، مؤكداً أن الهدف هو “تهيئة أجواء هادئة داخل صفوف المنتخب من أجل استعداد ومشاركة مثالية”. ومع ذلك، يرى العديد من المحللين أن هذا القرار قد يزيد من حالة عدم اليقين والضغط على اللاعبين.
سياق تاريخي من عدم الاستقرار الإداري
لا يعتبر هذا الاضطراب حدثاً معزولاً في تاريخ كرة القدم الكاميرونية، التي لطالما عانت من عدم الاستقرار الإداري والتدخلات السياسية. فعلى الرغم من كون الكاميرون واحدة من القوى الكروية التقليدية في أفريقيا، بتاريخ حافل بالإنجازات يشمل الفوز باللقب القاري خمس مرات، إلا أن الخلافات الإدارية كانت دائماً ما تلقي بظلالها على أداء المنتخب في المحافل الكبرى. وتضع هذه الأزمة الأخيرة مستقبل المنتخب الكاميروني على المحك، خاصة أنه وقع في مجموعة قوية بكأس الأمم الإفريقية (المجموعة السادسة) إلى جانب حامل اللقب ساحل العاج، والغابون، وموزمبيق، مما يجعل مهمته في البطولة أكثر صعوبة وتعقيداً.