خطوة استراتيجية لتعزيز الأمن السيبراني في المملكة
في خطوة تعكس التزام المملكة العربية السعودية بتطوير بنيتها التحتية الرقمية وحماية فضائها السيبراني، أعلنت الهيئة الوطنية للأمن السيبراني عن طرح حزمة من التحديثات الجديدة على مشروع الإطار السعودي لكوادر الأمن السيبراني «سيوف». تم عرض هذه التحديثات عبر منصة “استطلاع” بهدف إشراك الخبراء والجهات ذات العلاقة في عملية التطوير، مما يضمن مواءمة الإطار مع أفضل الممارسات العالمية واحتياجات سوق العمل المحلي.
السياق العام: الأمن السيبراني كركيزة أساسية في رؤية 2030
تأتي هذه التحديثات في سياق التحول الرقمي الشامل الذي تشهده المملكة ضمن مستهدفات رؤية 2030. فمع تزايد الاعتماد على التقنيات الرقمية في كافة القطاعات الحكومية والخاصة، برزت الحاجة الماسة إلى بناء منظومة دفاع سيبراني متينة وقادرة على مواجهة التهديدات المتطورة. تأسست الهيئة الوطنية للأمن السيبراني في عام 2017 كجهة تنظيمية وتشريعية تهدف إلى حماية المصالح الحيوية للمملكة وأمنها الوطني وبنيتها التحتية الحساسة. ويُعد إطار «سيوف» أحد أبرز مبادراتها الاستراتيجية لتوحيد المفاهيم وتأهيل الكوادر الوطنية، باعتبار أن العنصر البشري هو خط الدفاع الأول والأهم في مواجهة الهجمات الإلكترونية.
أهمية الإطار وتأثيره المتوقع
يمثل إطار «سيوف» مرجعاً وطنياً شاملاً لتصنيف وتعريف الأدوار الوظيفية في مجال الأمن السيبراني. وتكمن أهميته في قدرته على سد الفجوة بين مخرجات التعليم الأكاديمي ومتطلبات سوق العمل الفعلية. فعلى الصعيد المحلي، سيسهم الإطار في خلق مسارات مهنية واضحة للشباب السعودي، وتحفيز الجامعات ومراكز التدريب على تطوير برامج متخصصة تلبي احتياجات القطاعين العام والخاص. كما أنه يوحد لغة التواصل بين المؤسسات المختلفة فيما يتعلق بالمهارات والكفاءات المطلوبة.
أما على الصعيد الإقليمي، فإن هذه الخطوة تعزز من مكانة المملكة كدولة رائدة في مجال الأمن السيبراني، وتقدم نموذجاً يمكن للدول المجاورة الاستفادة منه في بناء قدراتها الوطنية. وعلى المستوى الدولي، فإن مواءمة الإطار مع المعايير العالمية يرفع من كفاءة المهنيين السعوديين ويجعلهم منافسين في السوق العالمي، كما يبعث برسالة ثقة للمستثمرين والشركاء الدوليين حول جدية المملكة في تأمين بيئتها الرقمية.
تفاصيل التحديثات الجديدة: 5 فئات و40 دوراً وظيفياً
يعتمد الإطار في نسخته المحدثة على هيكل دقيق يضم 5 فئات رئيسية، و12 مجالاً تخصصياً، و40 دوراً وظيفياً، مما يوفر تغطية شاملة لجميع جوانب العمل السيبراني. وتشمل الفئات الخمس:
- معمارية الأمن السيبراني والبحث والتطوير (CARD): تُعنى بتصميم وتطوير الأنظمة الآمنة والابتكار.
- القيادة وتطوير الكوادر (LWD): تركز على إدارة الفرق وتنمية القدرات البشرية.
- الحوكمة والمخاطر والالتزام والقوانين (GRCL): تختص بوضع السياسات وإدارة المخاطر وضمان الامتثال.
- الحماية والدفاع (PD): تشمل رصد التهديدات والاستجابة للحوادث وحماية الشبكات.
- نظم التحكم الصناعية والتقنيات التشغيلية (ICS/OT): تركز على حماية البنى التحتية الحيوية والأنظمة الصناعية.
كما يقدم الإطار شرحاً لـبروتوكول الإشارة الضوئية (TLP)، وهو معيار عالمي لتصنيف حساسية المعلومات عند مشاركتها، مما يعزز من تداولها الآمن بين الجهات. بالإضافة إلى ذلك، تم إدراج “مجالات الكفاءة” كإضافة نوعية لتوجيه المختصين نحو تطوير المهارات الأكثر صلة بأدوارهم ودعم تطورهم الوظيفي.
دعوة للمشاركة ورؤية مستقبلية
أكدت الهيئة أن الإطار سيخضع لمراجعات دورية لضمان مواكبته للتحديات المستجدة، ودعت جميع الجهات إلى تبنيه مع إتاحة المرونة لإجراء تعديلات داخلية تتناسب مع طبيعة عملها. إن هذه المنهجية التشاركية تضمن بناء منظومة سيبرانية وطنية مرنة وفعالة، قادرة على حماية مكتسبات الوطن الرقمية وتحقيق مستقبل آمن ومزدهر.