شهدت أسعار الذهب تراجعًا ملحوظًا في تداولات اليوم الثلاثاء، مبتعدة عن الذروة التي سجلتها في الجلسة السابقة والتي كانت الأعلى منذ ستة أسابيع. يأتي هذا الانخفاض في ظل مجموعة من العوامل الضاغطة، أبرزها عمليات جني الأرباح من قبل المتداولين بعد الارتفاعات الأخيرة، بالإضافة إلى صعود عوائد سندات الخزانة الأمريكية التي تقلل من جاذبية المعدن الأصفر الذي لا يدر عائدًا.
وفي تفاصيل التداولات، انخفض سعر الذهب في المعاملات الفورية بنسبة 0.4% ليصل إلى 2016.13 دولارًا للأوقية (الأونصة) بحلول الساعة 04:36 بتوقيت جرينتش. كما تراجعت العقود الآجلة للذهب في الولايات المتحدة تسليم ديسمبر بنسبة 0.7% لتستقر عند 2046.60 دولارًا للأوقية. ولم يقتصر التراجع على الذهب فقط، بل شمل المعادن النفيسة الأخرى، حيث انخفضت الفضة بنسبة 1.5% إلى 24.57 دولارًا للأوقية، وهبط البلاتين بنسبة 0.5% إلى 924.72 دولارًا، وتراجع البلاديوم بنسبة 0.5% إلى 1077.0 دولارًا.
السياق العام وأسباب التقلبات الأخيرة
يأتي هذا التراجع بعد فترة من الأداء القوي للذهب، الذي يُعتبر ملاذًا آمنًا في أوقات عدم اليقين الاقتصادي والجيوسياسي. كانت الأسعار قد ارتفعت في الأسابيع الماضية مدعومة بتزايد التوقعات بأن مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) قد وصل إلى نهاية دورة رفع أسعار الفائدة، مع احتمالية البدء في خفضها خلال العام المقبل. هذه التوقعات أدت إلى إضعاف الدولار الأمريكي وخفض عوائد السندات، مما جعل الذهب أكثر جاذبية للمستثمرين وحاملي العملات الأخرى.
أهمية البيانات الاقتصادية الأمريكية المرتقبة
تتجه أنظار المستثمرين هذا الأسبوع إلى الولايات المتحدة، حيث من المقرر صدور بيانات اقتصادية هامة قد تحدد مسار السياسة النقدية للاحتياطي الفيدرالي. تشمل هذه البيانات تقرير التوظيف لشهر نوفمبر، ومؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي (PCE) لشهر أكتوبر، وهو مقياس التضخم المفضل لدى البنك المركزي. أي إشارات على تباطؤ سوق العمل أو تراجع التضخم قد تعزز من احتمالات خفض الفائدة، وهو ما قد يدعم أسعار الذهب مجددًا. وعلى العكس، إذا جاءت البيانات أقوى من المتوقع، فقد يؤدي ذلك إلى تعزيز الدولار وارتفاع عوائد السندات، مما يضع مزيدًا من الضغط على المعدن النفيس.
التأثيرات المتوقعة على الأسواق العالمية والمحلية
تؤثر تحركات أسعار الذهب بشكل مباشر على الأسواق العالمية، من المستثمرين الأفراد والمؤسسات إلى البنوك المركزية التي تحتفظ بالذهب كجزء من احتياطياتها. على الصعيد الإقليمي والمحلي، يراقب المستهلكون وتجار التجزئة هذه التقلبات عن كثب، حيث تؤثر على أسعار المشغولات الذهبية والسبائك. استقرار الأسعار أو انخفاضها قد يحفز الطلب على الشراء، بينما يؤدي ارتفاعها إلى تباطؤ في حركة المبيعات. حاليًا، يقدر المتداولون احتمالية خفض أسعار الفائدة من جانب البنك المركزي الأمريكي في اجتماع ديسمبر بنحو 88%، مما يبقي على حالة من الترقب الحذر في الأسواق لحين اتضاح الصورة الاقتصادية بشكل أكبر.