ارتفاع ضحايا الألغام الأرضية عالميًا في 2024 وتراجع الجهود

يكشف تقرير مرصد الألغام الأرضية عن زيادة حادة في أعداد ضحايا الألغام ومخلفات الحرب لعام 2024، مع تراجع التمويل وتهديدات لمعاهدة الحظر الدولية.
ديسمبر 2, 2025
9 mins read
ارتفاع ضحايا الألغام الأرضية عالميًا في 2024 وتراجع الجهود

أزمة إنسانية متفاقمة: ارتفاع قياسي في ضحايا الألغام

كشف مرصد الألغام الأرضية في تقريره السنوي الأخير عن واقع مقلق، حيث شهد عام 2024 ارتفاعًا حادًا في أعداد القتلى والجرحى من جراء الألغام الأرضية ومخلفات الحروب القابلة للانفجار. ووفقًا للبيانات، تم تسجيل 6,279 ضحية في 52 دولة ومنطقة، ما يمثل زيادة بنحو 500 شخص عن العام السابق، وهي أعلى حصيلة سنوية تُسجل منذ عام 2020. وتكشف الأرقام عن مأساة إنسانية عميقة، حيث شكّل المدنيون نسبة صادمة بلغت 90% من إجمالي الضحايا، نصفهم تقريبًا من الأطفال الذين يدفعون الثمن الأكبر للنزاعات التي لا دور لهم فيها.

السياق التاريخي: معاهدة أوتاوا وجهود حظر الألغام

تأتي هذه الزيادة المأساوية في أعداد الضحايا لتشكل انتكاسة للجهود الدولية التي بُذلت على مدى عقود. ففي عام 1997، تبنى العالم “معاهدة حظر الألغام المضادة للأفراد”، المعروفة باسم معاهدة أوتاوا، والتي دخلت حيز التنفيذ في 1999. هدفت المعاهدة إلى وضع حد لاستخدام وتخزين وإنتاج ونقل هذه الأسلحة العشوائية، وإلزام الدول بتدمير مخزوناتها وتطهير المناطق الملوثة. وقد انضمت إليها 164 دولة، وساهمت بشكل كبير في خفض أعداد الضحايا عالميًا على مدار العقدين الماضيين. إلا أن دولًا رئيسية مثل روسيا والولايات المتحدة والصين والهند وباكستان لم تنضم للمعاهدة، مما يحد من فعاليتها الشاملة، خاصة في مناطق النزاع الحالية.

تحديات جيوسياسية تهدد المعاهدة الدولية

حذر التقرير من “تحديات غير مسبوقة” تواجه الحظر الدولي، حيث أعلنت خمس دول أعضاء في حلف شمال الأطلسي (إستونيا، فنلندا، لاتفيا، ليتوانيا، وبولندا) عن نيتها الانسحاب من المعاهدة، مستندة إلى مخاوف من “عدوان روسي محتمل”. يمثل هذا التوجه تآكلًا خطيرًا في الإجماع الدولي الذي شكل أساس المعاهدة. وفي سياق متصل، وجهت الحملة الدولية لحظر الألغام الأرضية انتقادات لمحاولة أوكرانيا تعليق التزامها ببنود المعاهدة بسبب الحرب، مؤكدة أن مثل هذا الإجراء غير مسموح به. وقالت رئيسة الحملة، تامار جابيلنيك، إن “التراجع ليس خيارًا، فالتكلفة البشرية باهظة للغاية”.

بؤر التوتر العالمية: من بورما إلى أوكرانيا

يعود الارتفاع الكبير في الضحايا بشكل أساسي إلى الاستخدام المكثف للألغام في نزاعات تدور في دول غير موقعة على المعاهدة. للعام الثاني على التوالي، سجلت بورما (ميانمار) أكبر عدد من الضحايا في العالم بواقع 2,029 قتيلًا وجريحًا. تلتها سوريا في المرتبة الثانية بـ 1,015 ضحية، حيث يواجه المدنيون العائدون إلى مناطقهم بعد سنوات من الحرب خطرًا مميتًا. وفي أوكرانيا، وثّق التقرير حوالي 300 إصابة، مؤكدًا أن روسيا استخدمت الألغام المضادة للأفراد على نطاق واسع منذ بدء غزوها في فبراير 2022.

تراجع التمويل وتأثيره على عمليات التطهير

تتزامن هذه الأزمة مع تراجع كبير في تمويل برامج إزالة الألغام ومساعدة الضحايا. فقد شهد عام 2024 انخفاضًا ملحوظًا في المساحات التي تم تطهيرها، نتيجة نقص الموارد وتدهور الأوضاع الأمنية. والأخطر من ذلك، أن التمويل المخصص لمساعدة الضحايا، والذي لا يتجاوز 5% من إجمالي التمويل، تراجع بنسبة 25%. وتزداد المخاوف المستقبلية مع احتمالية انخفاض المساعدات الأمريكية، التي تعد أكبر ممول عالمي لبرامج إزالة الألغام، مما ينذر بتفاقم الأزمة الإنسانية في السنوات القادمة ويضع المزيد من أرواح المدنيين الأبرياء على المحك.

اترك تعليقاً

Your email address will not be published.

حالة الطقس في السعودية: أمطار متفرقة وضباب وتحذيرات
Previous Story

حالة الطقس في السعودية: أمطار متفرقة وضباب وتحذيرات

مدينة المعرفة تؤسس شركة لإدارة الفنادق مع أركيبيلاجو الدولية
Next Story

مدينة المعرفة تؤسس شركة لإدارة الفنادق مع أركيبيلاجو الدولية

Latest from اخبار عالمية

أذهب إلىالأعلى