يترقب الشارع السعودي والمراقبون الاقتصاديون باهتمام بالغ الجلسة الاستثنائية التي يعقدها مجلس الوزراء السعودي يوم غدٍ الثلاثاء، الموافق الحادي عشر من شهر جمادى الآخرة 1447هـ والثاني من شهر ديسمبر 2025م، والتي ستُخصص بالكامل لمناقشة وإقرار الميزانية العامة للدولة للسنة المالية الجديدة 1447 / 1448هـ (2026م). وتُعد هذه الجلسة محطة سنوية رئيسية، حيث تُرسم من خلالها ملامح السياسة المالية والاقتصادية للمملكة للعام القادم، وتُحدد أولويات الإنفاق الحكومي بما ينسجم مع التطلعات الوطنية.
السياق العام وأهمية الميزانية
تأتي ميزانية 2026 في مرحلة هامة من مسيرة التحول الوطني التي تقودها رؤية السعودية 2030. فبعد سنوات من الإصلاحات الهيكلية وتنويع مصادر الدخل، أصبحت الميزانية السعودية أكثر من مجرد بيان للإيرادات والمصروفات؛ بل هي أداة استراتيجية لتحقيق الاستدامة المالية ودفع عجلة النمو في القطاعات غير النفطية. ويسبق إقرار الميزانية من قبل مجلس الوزراء سلسلة من الإجراءات والدراسات المعمقة التي تشرف عليها وزارة المالية بالتنسيق مع مختلف الجهات الحكومية، وترفع تقديراتها إلى مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية لمراجعتها قبل عرضها بصيغتها النهائية على مجلس الوزراء لاتخاذ القرار النهائي بشأنها.
التأثير المتوقع على الصعيدين المحلي والدولي
على الصعيد المحلي، تحمل الميزانية أهمية قصوى للمواطنين والقطاع الخاص على حد سواء. إذ يُتوقع أن تواصل الدولة توجيه إنفاق كبير نحو القطاعات الحيوية التي تمس حياة المواطن بشكل مباشر، مثل التعليم والصحة والتنمية الاجتماعية والبنية التحتية. كما يُنظر إلى أرقام الميزانية كمؤشر رئيسي لتوجهات الإنفاق على المشاريع الكبرى المرتبطة برؤية 2030، مثل نيوم ومشروع البحر الأحمر والقدية، والتي تلعب دوراً محورياً في خلق الوظائف وتحفيز الاستثمار المحلي والأجنبي.
أما على الصعيدين الإقليمي والدولي، فإن ميزانية المملكة، بصفتها أكبر اقتصاد في منطقة الشرق الأوسط وعضواً فاعلاً في مجموعة العشرين، تحظى بمتابعة وثيقة من قبل الأسواق العالمية والمؤسسات المالية الدولية. وتعكس أرقامها وتوقعاتها للنمو مدى قوة ومتانة الاقتصاد السعودي وقدرته على مواجهة التحديات العالمية. كما أن تركيز الميزانية على تعزيز القطاعات غير النفطية يرسل رسالة قوية للمستثمرين الدوليين حول الفرص الواعدة التي يزخر بها الاقتصاد السعودي، مما يعزز من جاذبيته كوجهة استثمارية عالمية رائدة.