مأساة جديدة في قلب هونغ كونغ
شهدت مدينة هونغ كونغ فاجعة مروعة إثر اندلاع حريق هائل في مبنى “نيو لاكي هاوس” السكني بمنطقة جوردان المكتظة، مما أسفر عن مقتل 5 أشخاص وإصابة أكثر من 40 آخرين، بعضهم في حالة حرجة. الحادث، الذي وقع في الصباح الباكر، أعاد إلى الواجهة نقاشًا حادًا ومؤلمًا حول معايير السلامة في آلاف المباني القديمة التي تنتشر في أرجاء المدينة، والتي غالبًا ما تفتقر إلى أبسط متطلبات الوقاية من الحرائق.
خلفية تاريخية من الحرائق المدمرة
هذه المأساة ليست الأولى من نوعها في تاريخ هونغ كونغ، المدينة المعروفة بناطحات السحاب الشاهقة وكثافتها السكانية الهائلة. تعيد هذه الحادثة إلى الأذهان كوارث سابقة، أبرزها حريق مبنى “غارلي” التجاري في عام 1996، الذي أودى بحياة 41 شخصًا وشكل نقطة تحول في قوانين السلامة من الحرائق في المدينة. على الرغم من تشديد اللوائح منذ ذلك الحين، إلا أن تطبيقها على المباني التي شُيدت قبل عقود، مثل “نيو لاكي هاوس” الذي يعود تاريخه إلى عام 1964، لا يزال يمثل تحديًا كبيرًا. هذه المباني القديمة، التي تضم غالبًا شققًا مقسمة بشكل غير قانوني ونزلًا وبيوت ضيافة صغيرة، تتحول بسهولة إلى مصائد مميتة عند اندلاع النيران بسبب ممراتها الضيقة وافتقارها لأنظمة الرش الآلي وأجهزة الإنذار الحديثة.
تأثيرات محلية ودولية متوقعة
على الصعيد المحلي، أثار الحريق غضبًا شعبيًا واسعًا وضغطًا هائلاً على حكومة هونغ كونغ لاتخاذ إجراءات فورية وحاسمة. وقد أمر الرئيس التنفيذي للمدينة، جون لي، بفتح تحقيق شامل في أسباب الحادث ومراجعة شاملة للوائح السلامة المتعلقة بالمباني القديمة. من المتوقع أن تسفر هذه المأساة عن حملات تفتيش واسعة النطاق وإصدار قوانين أكثر صرامة تجبر أصحاب العقارات على تحديث أنظمة السلامة في ممتلكاتهم. كما يسلط الحادث الضوء على الأوضاع المعيشية الصعبة التي يواجهها الكثير من سكان هونغ كونغ ذوي الدخل المحدود، الذين يضطرون للسكن في هذه المباني الخطرة.
أما على المستوى الدولي، فإن هذه الكارثة تضع سمعة هونغ كونغ كمركز مالي عالمي متطور على المحك، حيث تكشف عن وجود ثغرات خطيرة في البنية التحتية الحضرية للمدينة. وتعتبر هذه الحادثة بمثابة جرس إنذار للمدن الكبرى الأخرى حول العالم التي تواجه تحديات مماثلة مع شيخوخة مبانيها وكثافتها السكانية المتزايدة، مؤكدة على الأهمية القصوى للصيانة الدورية وتطبيق معايير السلامة دون تهاون لحماية أرواح السكان.
