تحتضن العاصمة السعودية الرياض، اليوم، أعمال “المؤتمر الدولي للتأهّب والاستجابة للطوارئ النووية والإشعاعية (EPR2025)”، في حدث عالمي بارز يعكس الثقة الدولية المتزايدة في دور المملكة كشريك فاعل في منظومة الأمان النووي العالمي. ويُنظم المؤتمر، الذي يستمر لأربعة أيام تحت شعار “الطوارئ النووية والإشعاعية.. بناء المستقبل في عالم متطور”، بالتعاون بين الوكالة الدولية للطاقة الذرية وهيئة الرقابة النووية والإشعاعية السعودية، بمشاركة واسعة تضم خبراء ومختصين من أكثر من 100 دولة حول العالم.
خلفية تاريخية وأهمية عالمية
يأتي هذا المؤتمر في وقت يتزايد فيه الاعتماد العالمي على التقنيات النووية في مجالات سلمية حيوية مثل توليد الكهرباء والطب والزراعة والصناعة. ومع هذا التوسع، تبرز الحاجة الماسة لتعزيز أطر التأهب والاستجابة للطوارئ لضمان سلامة الإنسان والبيئة. وقد شكلت حوادث نووية تاريخية، مثل كارثة تشيرنوبيل عام 1986 وحادثة فوكوشيما دايتشي عام 2011، نقاط تحول عالمية، حيث أظهرت أن الحوادث الإشعاعية لا تعرف حدودًا جغرافية، مما رسخ أهمية التعاون الدولي وتوحيد معايير الاستجابة السريعة والفعالة. ومنذ ذلك الحين، تعمل الوكالة الدولية للطاقة الذرية على تطوير الصكوك والمعايير الدولية لضمان أعلى مستويات الأمان.
أجندة المؤتمر وأهدافه الرئيسية
يُعد المؤتمر منصة حيوية لتبادل المعرفة والخبرات، حيث يشارك فيه أكثر من 700 خبير ومختص، بالإضافة إلى ممثلين عن 6 منظمات دولية. وتتضمن فعالياته تقديم أكثر من 120 ورقة علمية و100 ملصق بحثي، تغطي أحدث الابتكارات وأفضل الممارسات في مجال الجاهزية للطوارئ. وتهدف الجلسات الحوارية الموسعة إلى مناقشة التحديات المعاصرة، واستعراض سبل تعزيز التكامل بين الأنظمة الوطنية والدولية، وتطوير القدرات البشرية والتقنية اللازمة لمواجهة أي طارئ نووي أو إشعاعي محتمل. كما يضم المؤتمر معرضًا مصاحبًا تعرض فيه جهات وطنية ودولية وشركات عالمية أحدث التقنيات والحلول التي تساهم في رفع كفاءة الاستجابة للطوارئ.
دور المملكة الريادي وتأثيره الإقليمي
يمثل اختيار الرياض لاستضافة هذا الحدث الدولي، وهو الأول من نوعه الذي يُعقد خارج مقر الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا، شهادة على المكانة المتقدمة التي حققتها المملكة في مجال الرقابة النووية والإشعاعية. ويعكس هذا الاختيار التزام المملكة الراسخ بتطبيق أعلى معايير الأمان والسلامة في برنامجها الوطني للطاقة الذرية، والذي يعد أحد الركائز الأساسية لـ”رؤية 2030″ لتنويع مصادر الطاقة. على الصعيد الإقليمي، تساهم استضافة هذا المؤتمر في تعزيز التعاون بين دول المنطقة التي تبدي اهتمامًا متزايدًا بالطاقة النووية، مما يدعم بناء منظومة أمان إقليمية متكاملة ومستدامة.
تعزيز التعاون الدولي لمستقبل آمن
أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية خلال الجلسة الافتتاحية على أهمية بناء قدرات وطنية مستدامة وتعزيز شبكات التكامل الدولية لتبادل المعلومات والخبرات. ويُعد المؤتمر فرصة لمراجعة وتطوير الصكوك الدولية التي ترعاها الوكالة، والتي تُعد المملكة طرفًا فاعلًا فيها، بما يضمن مواكبتها للمستجدات التقنية والتنظيمية. إن اجتماع هذا الحشد الدولي من الخبراء في الرياض لا يهدف فقط إلى مناقشة التحديات الراهنة، بل إلى استشراف المستقبل ووضع أسس متينة لضمان استخدام آمن ومسؤول للتقنية النووية، بما يخدم البشرية ويحمي كوكب الأرض.