يبحث نادي آرسنال الإنجليزي عن كتابة فصل جديد ومشرق في تاريخه، مستهدفاً تحقيق لقب الدوري الإنجليزي الممتاز الغائب عن خزائنه منذ عقدين، ومتعلماً من الدرس القاسي الذي عاشه في الموسم الماضي عندما أهدر تقدماً كبيراً في صدارة الترتيب وتنازل عن اللقب لمنافسه مانشستر سيتي.
السياق التاريخي: من جيل “اللاهزيمة” إلى سنوات الانتظار
تعود آخر مرة رفع فيها آرسنال درع الدوري إلى موسم 2003-2004، في حقبة المدرب الفرنسي الأسطوري أرسين فينغر وفريقه الذي عُرف بـ”الفريق الذي لا يُقهر” (The Invincibles)، بعد أن أنهى الموسم كاملاً دون أي هزيمة. منذ ذلك الحين، دخل النادي اللندني في فترة من التحديات، ورغم فوزه بألقاب في كأس الاتحاد الإنجليزي، ظل اللقب الأغلى بعيد المنال، مما خلق حالة من الشوق والحنين لدى جماهيره لاستعادة أمجاد الماضي.
تحت قيادة المدرب الإسباني ميكيل أرتيتا، تلميذ بيب غوارديولا وأحد قادة الفريق سابقاً، بدأ آرسنال مشروعاً طموحاً لإعادة بناء الفريق. وقد أتت هذه الجهود بثمارها في الموسم الماضي (2022-2023) حيث تصدر الفريق الترتيب لـ 248 يوماً، مقدماً أداءً مبهراً، لكنه عانى من تراجع في الأمتار الأخيرة، مما سمح لمانشستر سيتي بخبرته الكبيرة من انتزاع اللقب في نهاية المطاف.
أهمية الحدث وتأثيره المتوقع
إن فوز آرسنال باللقب هذا الموسم لن يكون مجرد بطولة تضاف إلى سجلاته، بل سيمثل تتويجاً لمشروع أرتيتا وتأكيداً على عودة النادي إلى مصاف الكبار في إنجلترا وأوروبا. على الصعيد المحلي، سيكسر الفريق هيمنة مانشستر سيتي وليفربول على اللقب في السنوات الأخيرة، وسيعيد التوازن التنافسي للبطولة الأقوى في العالم. أما على الصعيد الدولي، فإن تحقيق اللقب سيعزز من مكانة آرسنال كقوة كروية عالمية، وسيزيد من جاذبيته لأفضل المواهب حول العالم، فضلاً عن أنه سيكون مصدر فرح هائل لقاعدته الجماهيرية العريضة المنتشرة في كل القارات.
تحديات الحاضر وأمل المستقبل
تدل كل المؤشرات هذا الموسم على أن النادي اللندني قد تعلم من أخطائه. يظهر الفريق نضجاً أكبر وقوة ذهنية وصلابة دفاعية لافتة، بالإضافة إلى قوته الهجومية المعهودة. لقد أصبح الفريق أكثر قدرة على التعامل مع ضغط المباريات الكبرى، وهو ما كان إحدى نقاط ضعفه في الماضي. ومع ذلك، لا يزال الطريق طويلاً ومحفوفاً بالتحديات.
يواجه فريق المدرب أرتيتا منافسة شرسة من مانشستر سيتي وليفربول، وهما فريقان يمتلكان خبرة الفوز بالألقاب. كما أن ضغط المباريات وتلاحم المواسم، مع المشاركة في دوري أبطال أوروبا، يضع عبئاً بدنياً كبيراً على اللاعبين. ويبقى تحدي الإصابات هاجساً دائماً، حيث يمكن لغياب لاعب أو اثنين من الركائز الأساسية، مثل ويليام صليبا أو ديكلان رايس، أن يؤثر بشكل كبير على استقرار الفريق. ورغم هذه الصعوبات، يبدو أرتيتا وفريقه أكثر تصميماً من أي وقت مضى على تلافي إهدار النقاط وتحقيق الحلم الذي طال انتظاره، وتحويل خيبات الماضي إلى وقود للنجاح في الحاضر.