أعلنت السلطات الصحية في جمهورية الكونغو الديمقراطية، يوم الاثنين، بشكل رسمي انتهاء موجة تفشي فيروس إيبولا الأخيرة التي ضربت البلاد، وذلك بعد مرور 42 يومًا دون تسجيل أي إصابة جديدة، وهي المدة التي تعادل ضعف فترة حضانة الفيروس. ويأتي هذا الإعلان ليشكل بارقة أمل ونجاحًا كبيرًا للجهود الصحية الوطنية والدولية في مواجهة أحد أخطر الأمراض الفيروسية في العالم.
وخلال حفل رسمي أقيم في العاصمة كينشاسا، بحضور مسؤولين من منظمة الصحة العالمية والمراكز الأفريقية لمكافحة الأمراض والوقاية منها، صرّح الدكتور ديودوني موامبا كازادي، مدير المعهد الوطني للصحة العامة، قائلًا: “انتهى وباء إيبولا فعليًا في جمهورية الكونغو الديمقراطية”. وأوضح كازادي أن هذه الموجة، التي بدأت في أواخر أغسطس الماضي، أسفرت عن 53 إصابة مؤكدة، أدت إلى وفاة 34 شخصًا، بالإضافة إلى 11 حالة وفاة أخرى محتملة، مما يرفع إجمالي الوفيات المشتبه بها إلى 45 حالة.
سياق تاريخي: الكونغو وإيبولا.. صراع ممتد
تتمتع جمهورية الكونغو الديمقراطية بتاريخ طويل ومؤلم مع فيروس إيبولا، حيث تم اكتشاف الفيروس لأول مرة على أراضيها عام 1976 بالقرب من نهر إيبولا، الذي أخذ الفيروس اسمه منه. ومنذ ذلك الحين، شهدت البلاد أكثر من 14 موجة تفشٍ، مما أكسب فرقها الطبية وخبرائها خبرة واسعة في التعامل مع هذا المرض الفتاك. وتعتبر موجة التفشي التي ضربت شرق البلاد بين عامي 2018 و2020 هي الأكبر في تاريخ الكونغو والثانية على مستوى العالم، حيث أودت بحياة أكثر من 2200 شخص، مما استدعى استجابة دولية ضخمة.
أهمية الإعلان وتأثيره المتوقع
يمثل هذا الإعلان انتصارًا مهمًا على الصعيدين المحلي والدولي. محليًا، يجلب الخبر ارتياحًا كبيرًا للمجتمعات المتضررة التي عاشت في حالة من القلق والخوف، ويسمح للنظام الصحي المنهك بالتقاط أنفاسه والتركيز على تحديات صحية أخرى ملحة مثل الملاريا والحصبة وكوفيد-19. إقليميًا، يقلل انتهاء التفشي من خطر انتقال الفيروس عبر الحدود إلى الدول المجاورة، مثل أوغندا ورواندا، مما يخفف الضغط على أنظمة المراقبة الصحية في تلك البلدان. دوليًا، يبرز هذا النجاح فعالية الاستراتيجيات الحديثة لمكافحة إيبولا، والتي تشمل الاستجابة السريعة، وتتبع المخالطين، والأهم من ذلك، استخدام اللقاحات الفعالة مثل لقاح “إرفيبو” (rVSV-ZEBOV) والعلاجات المتقدمة بالأجسام المضادة أحادية النسيلة، والتي ساهمت بشكل كبير في خفض معدلات الوفيات وتحجيم انتشار الفيروس. إن هذا النجاح يعزز الثقة في قدرة المجتمع الدولي على احتواء الأوبئة عند تضافر الجهود وتوفير الموارد اللازمة.
وعلى الرغم من هذا الإنجاز، يظل التحدي قائمًا، حيث إن الفيروس متوطن في الخفافيش والحيوانات البرية في المنطقة، مما يعني أن خطر ظهور موجات تفشٍ جديدة يبقى واردًا. لذلك، تشدد السلطات الصحية ومنظمة الصحة العالمية على أهمية مواصلة اليقظة، وتعزيز أنظمة المراقبة، والاستثمار في بناء قدرات النظم الصحية المحلية لتكون قادرة على اكتشاف أي حالة جديدة والاستجابة لها بسرعة وفعالية.