أعلن المركز القومي الأفغاني لرصد الزلازل عن وقوع هزتين أرضيتين، اليوم، في منطقة جبال هندوكوش، حيث تجاوزت شدتهما 4 درجات على مقياس ريختر، مما يجدد المخاوف في بلد ذي تاريخ طويل مع الكوارث الزلزالية. ورغم عدم ورود تقارير فورية عن أضرار مادية أو خسائر بشرية، فإن هذه الهزات تسلط الضوء مجدداً على الطبيعة الجيولوجية غير المستقرة للمنطقة.
ووفقاً للبيانات الصادرة عن المركز، بلغت شدة الزلزال الأول 4.4 درجات على مقياس ريختر، وتم رصده عند خط عرض 36.57 درجة شمالًا وخط طول 71.11 درجة شرقًا. وكان اللافت في هذه الهزة عمقها الكبير الذي وصل إلى 163 كيلومترًا تحت سطح الأرض. أما الزلزال الثاني، فقد سجل شدة بلغت 4.3 درجات، ووقع عند خط عرض 36.70 درجة شمالًا وخط طول 71.51 درجة شرقًا، وعلى عمق أقل نسبيًا يبلغ 90 كيلومترًا.
السياق الجيولوجي: أفغانستان في قلب النشاط الزلزالي
تقع أفغانستان في منطقة نشطة زلزاليًا للغاية بسبب موقعها الجغرافي المعقد عند نقطة التقاء صفيحتين تكتونيتين رئيسيتين: الصفيحة الهندية والصفيحة الأوراسية. يؤدي التصادم المستمر بين هاتين الصفيحتين إلى تراكم ضغوط هائلة في القشرة الأرضية، والتي يتم إطلاقها على شكل زلازل متكررة. وتُعد سلسلة جبال هندوكوش، التي امتدت فيها الهزتان الأخيرتان، واحدة من أكثر المناطق عرضة للزلازل العميقة في العالم، حيث يمكن أن تصل بؤر الزلازل فيها إلى أعماق تتجاوز 200 كيلومتر، مما يجعلها محسوسة في مناطق واسعة تشمل باكستان وطاجيكستان وأجزاء من الهند.
تاريخ من الكوارث وتحديات الاستجابة
لم تكن أفغانستان بمنأى عن الزلازل المدمرة عبر تاريخها. ففي أكتوبر 2023، ضربت سلسلة من الزلازل القوية ولاية هرات غربي البلاد، مما أسفر عن مقتل وإصابة الآلاف وتدمير قرى بأكملها. وقبل ذلك، في يونيو 2022، تسبب زلزال مدمر في ولاية بكتيكا في مقتل أكثر من 1000 شخص، كاشفًا عن هشاشة البنية التحتية في المناطق الريفية، حيث تتكون معظم المنازل من الطوب اللبن والمواد التقليدية التي لا تصمد أمام الهزات القوية.
وتزيد التحديات الإنسانية والاقتصادية التي تواجهها البلاد من صعوبة الاستجابة للكوارث الطبيعية. فالتضاريس الجبلية الوعرة، وضعف شبكات الطرق، والوضع الأمني الهش، كلها عوامل تعيق وصول فرق الإنقاذ والمساعدات الإنسانية إلى المناطق المتضررة بسرعة. ورغم أن الزلزالين الأخيرين كانا متوسطي الشدة وعميقين، مما يقلل من تأثيرهما التدميري على السطح، إلا أنهما يمثلان تذكيراً دائماً بالمخاطر التي يواجهها سكان هذه المنطقة، والحاجة الماسة لتعزيز برامج التوعية وتطوير معايير البناء المقاوم للزلازل لتقليل الخسائر في المستقبل.