في مؤتمر صحفي سبق المواجهة المرتقبة بين المنتخبين السعودي والعُماني ضمن بطولة كأس آسيا 2023 التي أقيمت في الدوحة، برز موقف لافت كان بطله حارس المرمى السعودي نواف العقيدي. الموقف تمثل في رده الحازم والهادئ على سؤال طرحه أحد الصحفيين العُمانيين، والذي أشار إلى أن المملكة العربية السعودية “ضخت الكثير من المليارات دون أن يظهر تطور حقيقي” على مستوى المنتخب الوطني.
لم يتردد العقيدي في الرد، حيث بدأ بتعريف نفسه بثقة قائلاً: “اسمي نواف العقيدي إذا لم تكن تعرف”، قبل أن يتطرق إلى جوهر السؤال المتعلق بالاستثمارات الضخمة. وأضاف بوضوح: “أما بخصوص المليارات فهي لنا ونصرفها كما نريد. نحن مبسوطين بما يحدث ونلحظ التطور في كل جانب”. هذا الرد لم يكن مجرد دفاع، بل كان تأكيداً على الرضا الداخلي والثقة في المسار الذي تتخذه الرياضة السعودية.
السياق العام: ثورة رياضية ضمن رؤية 2030
يأتي هذا المشهد في خضم تحول تاريخي تشهده الرياضة في المملكة، والذي يُعد أحد الركائز الأساسية في “رؤية السعودية 2030”. فخلال السنوات القليلة الماضية، ضخ صندوق الاستثمارات العامة (PIF) استثمارات غير مسبوقة في قطاع كرة القدم، ونجح في استقطاب كوكبة من ألمع نجوم العالم إلى الدوري السعودي للمحترفين، مثل كريستيانو رونالدو، نيمار، وكريم بنزيما. هذا الحراك لم يهدف فقط إلى رفع المستوى الفني للدوري المحلي، بل إلى وضع السعودية على الخريطة العالمية كقوة رياضية واقتصادية مؤثرة، وتعزيز ما يُعرف بـ “القوة الناعمة” للمملكة.
أهمية الحدث وتأثيره المتوقع
على الصعيد المحلي، تهدف هذه الاستثمارات إلى خلق بيئة تنافسية عالية ترفع من مستوى اللاعب السعودي وتصقل مهاراته من خلال الاحتكاك بالخبرات العالمية، وهو ما أكده العقيدي في حديثه بأن “التطوير ينعكس تدريجياً على المنتخبات واللاعبين”. أما إقليمياً، فقد عزز هذا التوجه من مكانة السعودية كمركز رياضي رائد في الشرق الأوسط، مما خلق حالة من التنافس الإيجابي في المنطقة. دولياً، أصبحت أنظار العالم تتجه نحو الدوري السعودي، وباتت المملكة مرشحاً قوياً لاستضافة كبرى الفعاليات الرياضية، وأبرزها الفوز بحق تنظيم كأس العالم 2034.
لذلك، فإن سؤال الصحفي ورد العقيدي يمثلان انعكاساً مصغراً للجدل العالمي الدائر حول المشروع الرياضي السعودي؛ بين من يتساءل عن سرعة ظهور النتائج على المنتخب الوطني، وبين من يرى في المشروع استثماراً استراتيجياً طويل الأمد ستظهر ثماره تدريجياً. وفي النهاية، يبقى أداء “الأخضر” في المحافل القارية والدولية هو المقياس الحقيقي لنجاح هذه التجربة الطموحة.