في خطوة تنظيمية هامة تهدف إلى الارتقاء بجودة الخدمات وتعزيز معايير الصحة العامة، أعلنت وزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان في المملكة العربية السعودية عن تحديث شامل للاشتراطات البلدية المنظمة لعمل المسالخ الأهلية. وتأتي هذه الخطوة ضمن مساعي الوزارة المستمرة لتطوير القطاع البلدي، حيث منحت المنشآت القائمة مهلة تصحيحية تمتد لـ 12 شهراً لتوفيق أوضاعها مع اللوائح الجديدة، بما يضمن استمرارية الأعمال ويدعم بيئة استثمارية آمنة ومنظمة.
السياق العام وأهمية التحديث
يأتي هذا التحديث في إطار التحولات الكبرى التي تشهدها المملكة ضمن رؤية 2030، والتي تضع تحسين جودة الحياة وسلامة المواطنين والمقيمين على رأس أولوياتها. ولطالما شكلت المسالخ قطاعاً حيوياً يلامس بشكل مباشر صحة المستهلكين، مما استدعى وضع إطار تنظيمي حديث يواكب التطورات ويلبي المتطلبات الصحية والبيئية. وتهدف الاشتراطات الجديدة بشكل أساسي إلى معالجة ظاهرة “الذبح العشوائي” التي تنتشر في أماكن غير مخصصة، خاصة خلال المواسم الدينية مثل عيد الأضحى، وما يصاحبها من مخاطر صحية وبيئية جسيمة، مثل انتقال الأمراض وتلوث البيئة.
الأثر المتوقع على الصحة العامة والاقتصاد
من المتوقع أن يكون لهذه اللوائح تأثير إيجابي متعدد الأبعاد. على الصعيد المحلي، سيؤدي تطبيقها إلى رفع مستوى سلامة اللحوم المعروضة في الأسواق، وتقليل مخاطر الأمراض المنقولة عبر الغذاء، مما ينعكس مباشرة على صحة المجتمع. كما أن تنظيم القطاع يفتح آفاقاً استثمارية جديدة ويشجع على إقامة مشاريع نموذجية تلتزم بأعلى المعايير، مما يعزز من التنافسية ويحسن من جودة الخدمات المقدمة. وعلى المستوى البيئي، ستساهم هذه الإجراءات في تحسين المشهد الحضري والحد من التلوث الناتج عن التخلص غير الآمن من مخلفات الذبح.
أبرز ملامح الاشتراطات الجديدة
تغطي الاشتراطات التي اعتمدها معالي وزير الشؤون البلدية والقروية والإسكان، الأستاذ ماجد بن عبدالله الحقيل، كافة جوانب تشغيل المسالخ، بدءاً من الموقع وانتهاءً بالخدمات المقدمة، وتشمل:
- شروط الترخيص: إلزامية الحصول على موافقات من جهات متعددة كالدفاع المدني والمركز الوطني للرقابة على الالتزام البيئي، بالإضافة إلى سجل تجاري سارٍ.
- المتطلبات المكانية: السماح بإقامة المسالخ داخل أو خارج النطاق العمراني مع الالتزام بضوابط تمنع التأثير السلبي على المحيط، وتوفير 4 مواقف سيارات لكل 100 متر مربع من مساحة البناء.
- معايير البناء والسلامة: التطبيق الصارم لـ “كود البناء السعودي” في كافة الجوانب الإنشائية والكهربائية والميكانيكية، مع توفير ممرات ومنحدرات مخصصة لتسهيل وصول الأشخاص ذوي الإعاقة.
- التقنية والشفافية: تركيب كاميرات مراقبة أمنية، وتوفير وسائل الدفع الإلكتروني، ووضع رمز استجابة سريع (QR Code) على الواجهة لعرض بيانات الترخيص، مما يعزز الرقابة والشفافية.
- المرونة التشغيلية: السماح للمطابخ بالحصول على تصاريح مؤقتة للذبح خلال موسم الحج، وإتاحة إضافة أنشطة تجارية متجانسة ضمن ضوابط محددة.
وأكدت الوزارة أن هذه الاشتراطات الجديدة تحل محل كافة اللوائح والأدلة السابقة، وتصبح نافذة فور نشرها، لتؤسس لمرحلة جديدة من التنظيم الدقيق الذي يوازن بين دعم الاستثمار وحماية الصحة العامة في جميع مناطق المملكة.
