تدخل طبي عاجل ينقذ حياة مريضة في مكة
في إنجاز طبي لافت، نجح فريق من الأطباء المتخصصين في مدينة الملك عبدالله الطبية، عضو تجمع مكة المكرمة الصحي، في إنقاذ حياة مريضة في العقد الخامس من عمرها كانت تعاني من فشل قلبي متقدم. تم ذلك عبر إجراء عملية قسطرة بنائية معقدة ونادرة، والتي جاءت كجزء من الاستجابة السريعة ضمن نظام “مسار الرعاية العاجلة”، أحد المسارات المبتكرة في نموذج الرعاية الصحية السعودي الحديث. هذا التدخل الدقيق جنب المريضة الخضوع لجراحة قلب مفتوح رابعة كانت محفوفة بمخاطر عالية تهدد حياتها.
خلفية الحالة: تاريخ طويل من التحديات القلبية
أوضحت المدينة الطبية أن المريضة لديها تاريخ طبي معقد مع أمراض القلب، حيث خضعت لثلاث عمليات جراحة قلب مفتوح منذ طفولتها لتغيير صمامات القلب، كانت آخرها قبل 11 عامًا. ومع مرور الوقت، بدأت تعاني من أعراض حادة لفشل القلب، مثل ضيق التنفس الشديد والإرهاق، مما استدعى نقلها بشكل عاجل إلى عيادات القلب بالمدينة الطبية. أظهرت الفحوصات الدقيقة وجود ارتجاع شديد بجوار الصمام الميترالي المعدني المزروع سابقًا، مع توسعات كبيرة وخطيرة في حجرات القلب. ونظرًا للمخاطر الجسيمة المرتبطة بإجراء جراحة رابعة، والتي تتزايد مع كل تدخل جراحي بسبب الالتصاقات وصعوبة الوصول للقلب، قرر الفريق الطبي متعدد التخصصات استبعاد الخيار الجراحي واللجوء إلى حل مبتكر عبر القسطرة.
تفاصيل الإجراء الطبي النادر والأول من نوعه
قاد فريق طبي متخصص، يضم الدكتور أحمد سمان، والدكتور ممدوح إسماعيل، والدكتور محمد ميني، هذا التدخل المعقد. تمثلت العملية في إحداث فتحة دقيقة في قمة القلب (Transapical approach) باستخدام القسطرة، دون الحاجة لشق الصدر جراحيًا. ومن خلال هذه الفتحة، تمكن الفريق من الوصول إلى مكان الارتجاع بجوار الصمام وإصلاحه بدقة. الخطوة الأكثر ابتكارًا كانت في إغلاق الفتحة التي تم الدخول منها، حيث استخدم الفريق جهازًا متطورًا يُعرف بـ “Amplatz Duct Occluder Type 2″، والذي يُستخدم لأول مرة في المملكة العربية السعودية لمثل هذا النوع من الإجراءات. هذا الجهاز، المصمم أساسًا لإغلاق القنوات الشريانية لدى الأطفال، تم توظيفه ببراعة في هذا السياق المعقد، مما يبرز مرونة وخبرة الفريق الطبي.
أهمية الإنجاز في سياق تطور الرعاية القلبية
يُعد هذا النوع من التدخلات عبر القسطرة من أندر وأصعب عمليات القسطرة البنائية على مستوى العالم، ويمثل نقلة نوعية في مجال طب القلب التداخلي. تاريخيًا، كانت جراحة القلب المفتوح هي الحل الوحيد لمثل هذه الحالات المعقدة، لكنها تحمل مخاطر كبيرة، خاصة للمرضى الذين خضعوا لعمليات سابقة. ومع تطور تقنيات القسطرة، أصبح من الممكن علاج مشكلات بنائية معقدة في القلب بأسلوب طفيف التوغل، مما يقلل من المخاطر ويسرّع من فترة التعافي. هذا الإنجاز يضع مدينة الملك عبدالله الطبية في مصاف المراكز العالمية المتقدمة في هذا المجال.
توافق مع رؤية المملكة 2030 للقطاع الصحي
يأتي هذا النجاح الطبي ليؤكد على التطور الهائل الذي يشهده القطاع الصحي في المملكة، بما يتماشى مع مستهدفات التحول الصحي ورؤية المملكة 2030. تهدف الرؤية إلى تحسين جودة الحياة وتقديم رعاية صحية عالمية المستوى للمواطنين والمقيمين، بالإضافة إلى ضيوف الرحمن الذين يفدون إلى مكة المكرمة. إن توفير مثل هذه الإجراءات المتقدمة محليًا يقلل من الحاجة للسفر إلى الخارج للعلاج، ويعزز مكانة المملكة كمركز رائد للرعاية الصحية في المنطقة، ويبرهن على كفاءة الكوادر الطبية الوطنية وقدرتها على التعامل مع أعقد الحالات المرضية.
