في خطوة دبلوماسية جديدة، وصفت جولة المحادثات التي عقدت في ولاية فلوريدا الأمريكية يوم الأحد بين مفاوضين أوكرانيين وأمريكيين بأنها “ناجحة ومثمرة”، حيث تركزت النقاشات حول خطة أمريكية مقترحة لإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية. ورغم التفاؤل الحذر الذي أبداه الطرفان، لا تزال هناك تحديات جوهرية تتعلق بقضايا السيادة ووحدة الأراضي الأوكرانية، مما يؤكد أن الطريق نحو سلام دائم ما زال طويلاً ومعقداً.
خلفية الصراع وسياق المفاوضات
تأتي هذه المحادثات في ظل استمرار الحرب التي شنتها روسيا على أوكرانيا في فبراير 2022، والتي تعد تصعيداً للنزاع المستمر منذ عام 2014 بعد ضم روسيا لشبه جزيرة القرم وبدء الصراع في إقليم دونباس. ومنذ بداية الغزو الشامل، قدمت الولايات المتحدة دعماً عسكرياً ومالياً وإنسانياً كبيراً لكييف، مؤكدة على ضرورة الحفاظ على سيادة أوكرانيا. وتمثل هذه المفاوضات محاولة لاستكشاف مسارات دبلوماسية لإنهاء الصراع الذي دخل عامه الثالث، والذي خلف دماراً هائلاً وأزمة إنسانية واسعة النطاق، في وقت تواجه فيه أوكرانيا ضغوطاً متزايدة في ساحة المعركة.
تفاصيل وأجواء المحادثات
ترأس الوفد الأوكراني وزير الدفاع رستم عمروف، بينما ضم الجانب الأمريكي شخصيات بارزة مثل السيناتور ماركو روبيو، والمبعوث الخاص ستيف وتيكوف، وجاريد كوشنر، صهر الرئيس السابق دونالد ترامب، مما يضفي على المحادثات بعداً سياسياً لافتاً. وفي تصريحات عقب الجلسات، قال روبيو: “عقدنا جلسة أخرى مثمرة جداً، لكن لا يزال هناك مزيد من العمل يجب أداؤه”. وكرر عمروف هذا التقييم الإيجابي، مؤكداً أن النقاشات ركزت على “مستقبل أوكرانيا وأمنها ومنع تكرار العدوان عليها وإعادة إعمارها”.
ورغم هذه اللغة الإيجابية، نقلت مصادر مطلعة أن المحادثات “ليست سهلة”، حيث لا يزال البحث جارياً عن صيغ مقبولة للطرفين، خاصة فيما يتعلق بالنقاط الخلافية. وتهدف هذه الجولة إلى تمهيد الطريق لمفاوضات مباشرة محتملة بين الولايات المتحدة وروسيا.
خطة أمريكية مثيرة للجدل وتأثيرها
تكمن الصعوبة الأكبر في مسودة خطة أمريكية أولية كانت قد تسربت سابقاً، وتضمنت نقاطاً اعتبرتها كييف غير مقبولة على الإطلاق، مثل الاعتراف بالأمر الواقع في الأراضي التي تحتلها روسيا. ورغم أن الخطة قد تم تعديلها، فإن قضية الأراضي والحدود تظل هي العقدة الأكثر تعقيداً. وتصر أوكرانيا، بقيادة الرئيس فولوديمير زيلينسكي، على خطة السلام الخاصة بها المكونة من 10 نقاط، والتي تشترط انسحاباً كاملاً للقوات الروسية من جميع أراضيها المعترف بها دولياً، بما في ذلك القرم ودونباس.
إن نتائج هذه المحادثات تحمل أهمية كبرى ليس فقط لأوكرانيا، بل للمنطقة والعالم. فعلى الصعيد المحلي، يسعى الشعب الأوكراني إلى تحقيق سلام عادل يضمن سيادة بلاده وأمنها. وعلى الصعيد الإقليمي، يراقب الحلفاء الأوروبيون، مثل فرنسا التي يستعد رئيسها إيمانويل ماكرون للقاء زيلينسكي، هذه التطورات عن كثب، حيث يؤثر استقرار أوكرانيا بشكل مباشر على الأمن الأوروبي. أما دولياً، فإن أي اتفاق يتم التوصل إليه سيشكل سابقة في كيفية تعامل المجتمع الدولي مع الحروب العدوانية وانتهاكات القانون الدولي.</n