إنجاز طبي رائد يعزز مكانة المملكة الصحية
أعلن المستشفى الجامعي التابع لجامعة الملك عبدالعزيز عن تحقيقه إنجازًا طبيًا فارقًا، بتجاوز عدد العمليات الجراحية التي أجراها عبر برنامج “الجراحة الروبوتية” حاجز الـ 1000 عملية ناجحة. ويُعد هذا الرقم تتويجًا لجهود متكاملة من الفرق الطبية والإدارية والتقنية، ويؤكد على الدور الريادي الذي يلعبه المستشفى في تبني أحدث التقنيات الطبية لتقديم رعاية صحية متقدمة، بما يتماشى مع مستهدفات رؤية المملكة 2030 لتطوير القطاع الصحي.
خلفية تاريخية: من الريادة إلى التميز
لم يكن هذا الإنجاز وليد اللحظة، بل هو نتاج مسيرة طويلة من الاستثمار في التكنولوجيا والكوادر البشرية. ويُعد المستشفى الجامعي من أوائل المراكز الطبية في المملكة العربية السعودية ومنطقة الشرق الأوسط التي تبنت تقنية الجراحة الروبوتية، حيث أجرى أول عملية من هذا النوع في أبريل عام 2007 باستخدام نظام “دافينشي ستاندرد”. ومع التطور التقني المتسارع، شهد عام 2018 نقلة نوعية بإدخال الجيل الأحدث “دافينشي X”، الذي يتميز بقدرات متقدمة أسهمت في زيادة مطردة وكبيرة في عدد العمليات وتعقيدها، وتوسيع نطاق التخصصات المستفيدة من هذه التقنية الدقيقة.
تأثير واسع وتخصصات متعددة
أكد الدكتور رائد أنور أزهر، رئيس لجنة جراحة الروبوت في المستشفى الجامعي، أن العمليات التي أُجريت لم تكن مجرد أرقام، بل كانت “نوعية ومعقدة” وشملت تخصصات جراحية دقيقة. وتتصدر جراحة الكلى والمسالك البولية قائمة التخصصات الأكثر استخدامًا لهذه التقنية، تليها جراحة أمراض النساء، والجراحة العامة، وجراحة الصدر، وأخيرًا جراحة القلب التي انضمت حديثًا للبرنامج. وأشار الدكتور أزهر إلى أن العديد من هذه العمليات سُجلت كأولى من نوعها على مستوى المملكة والمنطقة، مثل جراحات الحالب الترميمية الدقيقة، وجراحات الأوعية الدموية الخاصة بالكلى، وعمليات معقدة في جراحة الكبد والبنكرياس، مما يرسخ مكانة المستشفى كمركز مرجعي للجراحات المتقدمة.
مزايا تقنية تنعكس على المريض
تعتمد الجراحة الروبوتية على نظام متطور يتحكم فيه الجراح بالكامل، مما يوفر دقة وثباتًا لا يمكن تحقيقهما باليد المجردة. يمنح النظام الجراح رؤية ثلاثية الأبعاد ومُكبرة تصل إلى عشرة أضعاف، مع تصفية لأي اهتزازات في يد الجراح. كما تتميز أذرع الروبوت بقدرة على الدوران بزاوية 360 درجة، مما يتيح الوصول إلى أماكن ضيقة وصعبة بدقة فائقة. وتنعكس هذه المزايا التقنية بشكل مباشر على المريض، حيث تسهم في تقليل فقدان الدم، وتخفيف الألم بعد العملية، وتقصير فترة الإقامة في المستشفى، وتسريع العودة إلى الحياة الطبيعية، بالإضافة إلى تحقيق نتائج تجميلية أفضل بفضل الشقوق الجراحية الصغيرة.
رؤية مستقبلية: نحو التوسع والتعليم
لا يتوقف طموح المستشفى الجامعي عند هذا الإنجاز. وكشف الدكتور أزهر عن خطة توسع مستقبلية ترتكز على محورين رئيسيين: الأول هو زيادة الطاقة الاستيعابية عبر دعم المستشفى بالمزيد من الأنظمة الروبوتية، والثاني هو التوسع في برامج الزمالة المتخصصة في الجراحة الروبوتية. ويهدف ذلك إلى ترسيخ دور المستشفى كمركز تعليمي وتدريبي رائد، وتخريج جيل جديد من الجراحين المهرة القادرين على استخدام هذه التقنية بكفاءة. كما يتطلع المستشفى إلى آفاق أبعد مثل تطبيق الجراحة عن بُعد (Tele-surgery)، ليصبح الخيار الروبوتي هو الأساس في جميع الحالات التي تسمح بذلك طبيًا وتقنيًا.