كأس العرب 2021: عودة الروح للكرة العربية تحت راية الفيفا
شكلت بطولة كأس العرب فيفا 2021، التي استضافتها قطر ببراعة من 30 نوفمبر إلى 18 ديسمبر 2021، علامة فارقة في تاريخ كرة القدم الإقليمية. لم تكن هذه البطولة مجرد منافسة رياضية، بل كانت احتفالية كروية جامعة أعادت إحياء واحدة من أعرق البطولات العربية، ولكن هذه المرة تحت المظلة الرسمية للاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) لأول مرة، مما منحها زخماً عالمياً وأهمية غير مسبوقة.
خلفية تاريخية وسياق البطولة
تعود جذور بطولة كأس العرب إلى عام 1963، لكنها مرت بفترات توقف طويلة أثرت على انتظامها. جاءت نسخة 2021 لتعيد البطولة إلى الواجهة، حيث اعتبرت بروفة تشغيلية مثالية لدولة قطر قبل استضافتها التاريخية لكأس العالم 2022. شارك في البطولة 16 منتخباً عربياً من قارتي آسيا وأفريقيا، تم تقسيمهم على أربع مجموعات، حيث تأهل صاحبا المركزين الأول والثاني من كل مجموعة إلى الأدوار الإقصائية.
المنتخبات المشاركة تأهلت بناءً على تصنيف الفيفا، حيث صعدت 9 منتخبات مباشرة، بينما خاضت 14 منتخباً أخرى تصفيات تمهيدية لحجز المقاعد السبعة المتبقية، مما ضمن تمثيلاً واسعاً ومنافسة قوية عكست شغف الجماهير العربية بكرة القدم.
ظاهرة المدرب الوطني: بصمة محلية على أرض المونديال
كانت إحدى أبرز الظواهر اللافتة في كأس العرب 2021 هي الاعتماد المتزايد على الكفاءات التدريبية الوطنية والمحلية، في خطوة تعكس ثقة الاتحادات العربية في قدرة أبنائها على قيادة الدفة الفنية. وبرز هذا التوجه بشكل جلي في وصول منتخبين يقودهما مدربان وطنيان إلى المباراة النهائية، وهما الجزائر وتونس.
قائمة المدربين الوطنيين الذين تركوا بصمة واضحة في البطولة شملت:
- مجيد بوقرة (الجزائر): النجم الدولي السابق الذي قاد منتخب “محاربي الصحراء” للمحليين لتحقيق لقب تاريخي بعد أداء بطولي، مؤكداً على جودة المدرب الجزائري.
- المنذر الكبير (تونس): نجح في قيادة “نسور قرطاج” إلى المباراة النهائية، مقدماً كرة قدم منظمة وفعالة أثبتت قدرة المدرب التونسي على المنافسة في أعلى المستويات.
- الحسين عموتة (المغرب): قاد المنتخب المغربي الرديف وقدم مستويات مميزة، ووصل به إلى دور الثمانية قبل الخروج بركلات الترجيح أمام الجزائر في مباراة ماراثونية.
هذا النجاح لم يكن مجرد صدفة، بل كان نتيجة لتراكم الخبرات ومنح الثقة للمدربين الذين يفهمون عقلية اللاعب العربي ويمتلكون الشغف لتحقيق الإنجاز لأوطانهم.
الأهمية والتأثير: أبعد من مجرد بطولة
تجاوزت أهمية كأس العرب 2021 حدود المستطيل الأخضر. على الصعيد المحلي، كانت البطولة اختباراً حقيقياً لقدرات قطر التنظيمية والبنية التحتية المونديالية، حيث أقيمت المباريات على ستة من أصل ثمانية ملاعب لكأس العالم 2022، وحققت نجاحاً تنظيمياً وجماهيرياً باهراً. أما إقليمياً، فقد عززت البطولة الروابط بين الشعوب العربية وأشعلت حماساً منقطع النظير. دولياً، قدمت البطولة للعالم صورة مشرقة عن مستوى التنافس والشغف بكرة القدم في المنطقة العربية، ممهدة الطريق لأجواء استثنائية في المونديال اللاحق.