في خطوة هامة تعكس التزام المملكة العربية السعودية بترسيخ مبادئ الشفافية والحوكمة، أصدر معالي وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد، الشيخ الدكتور عبداللطيف بن عبدالعزيز آل الشيخ، توجيهاً لكافة خطباء الجوامع في مختلف مناطق المملكة بتخصيص خطبة يوم الجمعة المقبلة، الموافق 14 جمادى الآخرة 1447هـ، للحديث عن قيم النزاهة والأمانة ومحاربة الفساد.
سياق وطني شامل لمكافحة الفساد
يأتي هذا التوجيه ضمن سياق أوسع للجهود الوطنية التي تقودها المملكة في إطار “رؤية 2030″، والتي تضع الشفافية ومكافحة الفساد على رأس أولوياتها لتحقيق التنمية المستدامة وبناء اقتصاد مزدهر. فمنذ إطلاق الرؤية، اتخذت الدولة خطوات حازمة لتعزيز الأطر المؤسسية والقانونية، أبرزها الدور المحوري الذي تلعبه هيئة الرقابة ومكافحة الفساد “نزاهة” في حماية المال العام ومحاسبة المتجاوزين. إن توظيف المنبر الديني الأكثر تأثيراً، وهو منبر الجمعة، لتمرير هذه الرسائل، يؤكد على التكامل بين استراتيجيات الدولة والمؤسسات الدينية لتحقيق هدف مشترك وهو بناء مجتمع نزيه ومحصّن ضد الفساد.
محاور الخطبة وأبعادها الشرعية
وقد حدد التوجيه الوزاري محاور دقيقة للخطبة، ترتكز على أسس شرعية راسخة. حيث شدد على ضرورة بيان منزلة الأمانة في الإسلام، كونها من أعظم صفات المؤمنين وركيزة أساسية لصلاح المجتمع، مستشهداً بقوله تعالى: “وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ”. كما تضمنت المحاور التحذير من خطورة الفساد الإداري والمالي وآثاره المدمرة على استقرار الأفراد والمجتمعات، والتأكيد على حرمة الاعتداء على المال العام واستغلال الوظيفة لتحقيق مكاسب شخصية. وتم التركيز بشكل خاص على جريمة الرشوة، استناداً إلى الحديث النبوي الشريف: “لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي”، مما يرسخ الوعي بأن الفساد ليس مجرد مخالفة قانونية، بل هو إثم شرعي كبير.
الأهمية والتأثير المتوقع
على الصعيد المحلي، يُتوقع أن تساهم هذه الخطبة الموحدة في رفع مستوى الوعي المجتمعي بأهمية النزاهة وضرورة الإبلاغ عن جرائم الفساد، باعتباره واجباً وطنياً وشرعياً. كما أنها تعزز ثقة المواطنين في جدية الدولة في معالجة هذه الآفة. أما على الصعيدين الإقليمي والدولي، فإن هذه المبادرة ترسل رسالة قوية للمستثمرين والشركاء الدوليين بأن المملكة ماضية في تهيئة بيئة استثمارية آمنة وشفافة، مما يعزز من مكانتها الاقتصادية والسياسية. إن ربط مكافحة الفساد بالخطاب الديني المعتدل يبرز نهج المملكة الشامل في الإصلاح، والذي يجمع بين الأصالة والتحديث. وأكدت الوزارة أنها ستتابع عن كثب تنفيذ هذا التوجيه لضمان وصول الرسالة إلى أوسع شريحة ممكنة، بما يسهم في حفظ مقدرات الوطن وتحقيق رخاء أبنائه.