في خطوة تنظيمية تهدف إلى إعادة هيكلة قطاع النقل الخاص ورفع معايير السلامة، أصدرت الهيئة العامة للنقل في المملكة العربية السعودية لائحة فنية جديدة تضع شروطاً محددة لامتلاك وتشغيل الحافلات الخاصة من قبل الأفراد والمنشآت. وتأتي هذه التشريعات لضمان استخدام هذه المركبات في الأغراض المخصصة لها، ومنع استغلالها في أنشطة تجارية غير مرخصة، بما يتماشى مع أهداف رؤية المملكة 2030 في تطوير قطاع النقل والخدمات اللوجستية.
السياق العام والخلفية التنظيمية
تندرج هذه التنظيمات ضمن جهود المملكة المستمرة لتحديث وتطوير كافة القطاعات الحيوية. ولطالما شكل قطاع النقل الخاص تحدياً تنظيمياً، حيث انتشرت في السابق ممارسات غير نظامية مثل استخدام الحافلات الخاصة في نقل الركاب بأجر دون الحصول على التراخيص اللازمة، مما يؤثر سلباً على السلامة المرورية وجودة الخدمة. وتسعى الهيئة العامة للنقل من خلال هذه اللائحة إلى سد الثغرات التشريعية، وإنشاء سوق نقل منظم يتسم بالشفافية والكفاءة، ويعزز من موثوقية الخدمات المقدمة للمواطنين والمقيمين.
شروط الأفراد: “إثبات الإعالة” هو المفتاح
وفقاً للمادة التاسعة من اللائحة الجديدة، لم يعد امتلاك الأفراد للحافلات الخاصة متاحاً دون مبرر نظامي موثق. حيث أصبح شرطاً أساسياً على الفرد الراغب في امتلاك حافلة أن يقدم ما يثبت حاجته الفعلية لها، وذلك عبر تقديم صك “إثبات إعالة” يوضح عدد أفراد أسرته الذين يعولهم، أو وثائق تثبت وجود عاملين تحت كفالته المباشرة. وبناءً على هذه المستندات، يتم منحه “بطاقة تشغيل” سارية المفعول، والتي تعتبر الترخيص الرسمي الوحيد الذي يسمح له بتشغيل الحافلة لخدمة ذويه أو موظفيه حصراً.
ضوابط الشركات: معادلة دقيقة لأسطول يتناسب مع حجم العمالة
على صعيد المنشآت التجارية، وضعت الهيئة ضوابط صارمة لضمان الجدية التشغيلية. فقد حظرت اللائحة منح تراخيص حافلات النقل الخاص للمنشآت التي يقل عدد موظفيها عن ثمانية أفراد. ولتحديد حجم الأسطول المسموح به لكل شركة، اعتمدت الهيئة معادلة حسابية واضحة: يتم قسمة إجمالي عدد العاملين المسجلين في التأمينات الاجتماعية على سعة مقاعد الحافلة، مع جبر الكسور لصالح المنشأة. تهدف هذه المعادلة إلى ربط حجم أسطول النقل بالحاجة الفعلية للشركة، ومنع تكديس المركبات لأغراض غير تشغيلية.
الأهمية والتأثير المتوقع
من المتوقع أن يكون لهذه اللائحة تأثيرات إيجابية متعددة على المستويين المحلي والإقليمي. محلياً، ستساهم في رفع مستوى السلامة على الطرق من خلال إلزام المشغلين بمعايير فنية محددة، والتقيد بساعات القيادة والراحة للسائقين في الرحلات الطويلة، مما يقلل من الحوادث الناتجة عن الإرهاق. كما ستعزز من تنظيم السوق والقضاء على الظواهر السلبية كالنقل العشوائي. أما إقليمياً، فإن تنظيم قطاع نقل الحافلات، خاصة تلك التي تعمل على خطوط دولية، يرفع من مستوى الخدمات المقدمة للمسافرين، بمن فيهم الحجاج والمعتمرون، ويعكس صورة إيجابية عن تطور البنية التحتية التنظيمية في المملكة.
وألزمت اللائحة المنشآت بتوفير حافلة واحدة على الأقل (مملوكة أو بإيجار تمويلي) كشرط للحصول على الترخيص، مع التأكيد على أن تكون المنشأة هي المستخدم الفعلي لها لمنع التأجير من الباطن. كما أحالت تحديد التجهيزات الفنية ومواصفات السلامة إلى قرارات لاحقة تصدر عن رئيس الهيئة، لضمان مواكبة المركبات لأحدث المعايير السعودية والدولية.
