في خطوة استراتيجية تهدف إلى تعزيز مكانة المملكة كقوة صناعية رائدة، أبرم صندوق تنمية الموارد البشرية (هدف) ثلاث اتفاقيات تدريب مرتبطة بالتوظيف بقيمة إجمالية تتجاوز 68 مليون ريال. تستهدف هذه المبادرة تأهيل وتمكين 356 شاباً وشابة سعوديين في تخصصات صناعية دقيقة، وتحديداً في قطاعي السيارات الكهربائية والإلكترونيات المتقدمة، وذلك لرفد القطاع الصناعي بكفاءات وطنية قادرة على قيادة مرحلة التحول الاقتصادي التي تشهدها البلاد.
تم توقيع الاتفاقيات على هامش المؤتمر العام لمنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية «UNIDO» الذي استضافته الرياض، برعاية وزير الصناعة والثروة المعدنية، بندر الخريف. وتجمع هذه الشراكة بين جهات رائدة في القطاعين العام والخاص، بما في ذلك شركة «لينوفو» العالمية بالشراكة مع شركة «آلات» التابعة لصندوق الاستثمارات العامة، وشركة «هيونداي» الشرق الأوسط، بالإضافة إلى الأكاديمية الوطنية للسيارات والمركبات «نافا». وستغطي الاتفاقيات تكاليف البرامج التدريبية النوعية التي ستُنفذ داخل المملكة وفي جمهورية الصين، لضمان نقل أحدث المعارف والخبرات العالمية، بالإضافة إلى تقديم مكافآت للمتدربين لضمان استقرارهم الوظيفي.
ركيزة أساسية في رؤية 2030
تأتي هذه الخطوة الاستراتيجية في صميم أهداف رؤية السعودية 2030، التي تسعى إلى تنويع مصادر الدخل الاقتصادي وتقليل الاعتماد على النفط. وتعد الاستراتيجية الوطنية للصناعة، التي أُطلقت لدفع عجلة هذا التحول، ركيزة أساسية في بناء اقتصاد صناعي متقدم ومستدام. يمثل الاستثمار في رأس المال البشري وتوطين التقنيات المتقدمة مثل صناعة السيارات الكهربائية والإلكترونيات، حجر الزاوية في تحقيق هذه الطموحات، حيث تهدف المملكة إلى أن تصبح مركزاً صناعياً ولوجستياً عالمياً.
مواكبة التحول العالمي وتأثيره
يشهد العالم تحولاً متسارعاً نحو النقل المستدام، وتبرز السيارات الكهربائية كعنصر رئيسي في هذا التحول. وإدراكاً لهذه الفرصة، وضعت المملكة قطاع صناعة السيارات الكهربائية ضمن أولوياتها، مستفيدة من استثمارات صندوق الاستثمارات العامة الضخمة في شركات عالمية مثل “لوسيد موتورز” وإطلاق علامات تجارية وطنية مثل “سير”. تهدف هذه الاتفاقيات إلى بناء قاعدة من الكفاءات الوطنية القادرة على تشغيل وإدارة المصانع المستقبلية، وضمان نقل المعرفة وتوطين سلاسل الإمداد، مما يعزز من مكانة المملكة كلاعب رئيسي في هذه الصناعة الواعدة على المستويين الإقليمي والدولي.
الأثر الاقتصادي والاجتماعي
لا يقتصر تأثير هذه المبادرات على الجانب الاقتصادي فحسب، بل يمتد ليشمل أبعاداً اجتماعية هامة. فمن خلال تأهيل الكوادر الوطنية في تخصصات دقيقة، تساهم هذه البرامج في خلق فرص عمل نوعية وذات قيمة مضافة عالية للشباب السعودي، وسد الفجوة في المهارات التي يتطلبها سوق العمل الحديث. كما أن توطين هذه الصناعات الحيوية يعزز الأمن الاقتصادي للمملكة ويقلل من الاعتماد على الاستيراد، ويرفع من تنافسية المنتج المحلي في الأسواق العالمية، مما يصب مباشرة في تحقيق أهداف النمو الاقتصادي المستدام الذي تسعى إليه المملكة.