ريادة سعودية في أسواق الطاقة المكررة
أظهرت أحدث الإحصاءات الصادرة عن الهيئة العامة للإحصاء في المملكة العربية السعودية لعام 2024م، عن تعزيز المملكة لمكانتها كلاعب رئيسي ليس فقط في سوق النفط الخام، بل أيضاً في أسواق المنتجات المكررة. وقد تصدر زيت الغاز (الديزل) قائمة صادرات الوقود بكمية ضخمة بلغت 209.6 مليون برميل، مما يؤكد على القدرات التكريرية المتقدمة التي تمتلكها المملكة وأهميتها في تلبية الطلب العالمي على هذا الوقود الحيوي لقطاعات النقل والصناعة.
ووفقاً للتقرير، جاء البنزين في المرتبة الثانية بكمية صادرات بلغت 102.7 مليون برميل، بينما كانت صادرات المنتجات النفطية الأخرى هي الأقل، حيث سجلت 30.7 مليون برميل. تعكس هذه الأرقام استراتيجية المملكة في تحقيق أقصى قيمة مضافة من مواردها الهيدروكربونية.
السياق الاستراتيجي: من النفط الخام إلى المنتجات المكررة
تأتي هذه الأرقام في سياق تحول استراتيجي أوسع تتبناه المملكة العربية السعودية ضمن رؤية 2030، التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على إيرادات النفط الخام. على مدى العقد الماضي، استثمرت المملكة مليارات الدولارات في تطوير وتوسيع مصافيها النفطية، مثل مصفاة جازان ومصفاة ساتورب في الجبيل، بهدف زيادة طاقتها الإنتاجية من المنتجات المكررة عالية الجودة. هذا التوجه لا يضمن فقط إيرادات أعلى من كل برميل نفط، بل يعزز أيضاً أمن الطاقة العالمي من خلال توفير إمدادات مستقرة من الوقود الأساسي مثل الديزل والبنزين.
تحليل أرقام الإنتاج والاستهلاك المحلي
على صعيد الإنتاج، شهدت المملكة نمواً ملحوظاً في إنتاج المنتجات المكررة؛ حيث ارتفع إنتاج الديزل إلى 407.8 ملايين برميل بنمو سنوي قدره 2.3%، وزاد إنتاج البنزين بنسبة 6.1% ليصل إلى 238.1 مليون برميل. هذا النمو في الإنتاج يتزامن مع ارتفاع طفيف في الاستهلاك المحلي، حيث زاد استهلاك الديزل بنسبة 0.8% ليصل إلى 224.1 مليون برميل، وارتفع استهلاك البنزين بنسبة 1.2% مسجلاً 188.2 مليون برميل، وهو ما يعكس استمرار النمو في النشاط الاقتصادي المحلي.
في المقابل، بلغ إجمالي إنتاج النفط الخام أكثر من 3,277.5 مليون برميل، مسجلاً انخفاضاً بنسبة 6.5% مقارنة بعام 2023م، كما انخفضت كمية صادرات النفط الخام بنسبة 8.9% لتصل إلى 2,214 مليون برميل. ويمكن أن يُعزى هذا الانخفاض إلى التزام المملكة باتفاقيات “أوبك+” التي تهدف إلى تحقيق الاستقرار في أسواق النفط العالمية.
التأثير الاقتصادي والمستقبلي
إن تصدر الديزل لصادرات الوقود السعودية يحمل دلالات اقتصادية هامة. فهو يبرهن على نجاح استراتيجية التنويع في قطاع الطاقة، ويحول المملكة من مجرد مُصدِّر للمادة الخام إلى مُصنِّع ومُصدِّر لمنتجات ذات قيمة أعلى. هذا التحول يعزز من مرونة الاقتصاد السعودي في مواجهة تقلبات أسعار النفط الخام ويفتح أسواقاً جديدة للمنتجات السعودية حول العالم. أما على صعيد الواردات، فقد استحوذ زيت الوقود على النصيب الأعلى بكمية 79.8 مليون برميل، بينما كانت واردات الكيروسين ووقود الطائرات هي الأقل بكمية 1.4 مليون برميل، مما يشير إلى اكتفاء ذاتي شبه كامل في معظم المنتجات الرئيسية.