شهدت أسعار الذهب ارتفاعًا ملحوظًا في ختام تعاملات الأسبوع الماضي، حيث أغلقت على مكاسب تجاوزت 1% يوم الجمعة. يأتي هذا الصعود في ظل ترقب الأسواق للبيانات الاقتصادية القادمة، لكن الأهم من ذلك هو تمسك المستثمرين بتوقعات متزايدة بأن بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي قد يتجه نحو خفض أسعار الفائدة في اجتماعاته المقبلة. وقد نجح المعدن الأصفر في تجاوز مستويات مقاومة نفسية هامة، مسجلاً أعلى إغلاق له في عدة أيام، ومحققًا مكاسب قوية خلال الشهر الماضي، مما يعزز النظرة الإيجابية لأدائه في المدى القصير.
السياق العام: تأثير السياسة النقدية للفيدرالي الأمريكي
تعتبر العلاقة بين أسعار الذهب وقرارات السياسة النقدية للبنك المركزي الأمريكي علاقة عكسية تاريخيًا. فالذهب، كأصل لا يدر عائدًا، يصبح أقل جاذبية للمستثمرين عندما تكون أسعار الفائدة مرتفعة، حيث يمكنهم تحقيق عوائد مضمونة وأعلى من خلال السندات الحكومية أو الودائع المصرفية. وعلى العكس، عندما تتجه التوقعات نحو خفض أسعار الفائدة، ينخفض العائد على السندات ويضعف الدولار الأمريكي، مما يزيد من جاذبية الذهب كأداة للتحوط ومخزن للقيمة. التصريحات الأخيرة من بعض أعضاء الفيدرالي، مثل جون ويليامز وكريستوفر والر، والتي حملت نبرة أقل تشددًا، غذّت هذه التكهنات وعززت من زخم الشراء في سوق الذهب.
الأهمية الجيوسياسية ودور الذهب كملاذ آمن
إلى جانب العوامل النقدية، يلعب الذهب دورًا حيويًا كملاذ آمن في أوقات الاضطرابات الجيوسياسية والاقتصادية. أي تصعيد في التوترات العالمية، سواء كانت متعلقة بالصراع في أوكرانيا أو أي بؤر توتر أخرى حول العالم، يدفع المستثمرين إلى البحث عن الأمان في المعدن النفيس. ورغم أن المحادثات الدبلوماسية أو بوادر السلام، مثل تلك الجارية بين روسيا وأوكرانيا، قد تحد مؤقتًا من هذا الارتفاع عبر تقليل “علاوة المخاطرة”، إلا أن حالة عدم اليقين المستمرة على الساحة الدولية توفر دعمًا أساسيًا لأسعار الذهب. كما أن الطلب المتزايد من البنوك المركزية العالمية، وخاصة في الاقتصادات الناشئة، على شراء الذهب لتنويع احتياطاتها بعيدًا عن الدولار، يمثل عامل دعم استراتيجي طويل الأمد يساهم في استقرار الأسعار عند مستويات مرتفعة.
التوقعات الفنية والمسار المستقبلي
من الناحية الفنية، يستعد الذهب لاختبار مستويات مقاومة رئيسية جديدة. إذا نجح السعر في الحفاظ على زخمه الحالي، فقد يستهدف القمم التاريخية التي سجلها مؤخرًا. تشير المؤشرات الفنية، مثل مؤشر القوة النسبية (RSI)، إلى وجود قوة شرائية لا تزال تدعم المزيد من الصعود. ومع ذلك، يجب على المستثمرين مراقبة مستويات الدعم الهامة، والتي تقع عند المتوسطات المتحركة الرئيسية. أي تراجع دون هذه المستويات قد يفتح الباب أمام عمليات جني أرباح. في المحصلة، يبقى المسار المستقبلي لأسعار الذهب مرهونًا بتوازن دقيق بين توقعات السياسة النقدية الأمريكية، وتطورات المشهد الجيوسياسي، وقوة الطلب من قبل البنوك المركزية والمستثمرين الأفراد.
