إطار تنظيمي جديد لدعم المسار التعليمي للطلاب
في خطوة تنظيمية هامة تهدف إلى تعزيز الانضباط المدرسي وضمان العدالة التعليمية، أعلنت وزارة التعليم السعودية عن اعتماد آلية جديدة ومفصلة لتقييم الطلاب المنقطعين عن الدراسة في جميع المراحل التعليمية (الابتدائية، المتوسطة، والثانوية). يأتي هذا الإجراء ضمن سلسلة من الإصلاحات التعليمية التي تشهدها المملكة، والتي تهدف إلى توحيد الإجراءات بين المدارس وإدارات التعليم، ووضع حد للاجتهادات الفردية في التعامل مع ملف الانقطاع الدراسي، الذي يعد أحد أبرز التحديات التي تواجه الأنظمة التعليمية عالميًا.
السياق العام وأهداف السياسة الجديدة
تندرج هذه الآلية الجديدة في سياق أوسع من التطوير الذي يشهده قطاع التعليم في المملكة العربية السعودية، تماشيًا مع مستهدفات رؤية 2030 التي تضع تنمية رأس المال البشري في صميم أولوياتها. لطالما شكلت ظاهرة الانقطاع عن الدراسة، سواء لأسباب قهرية أو غيرها، تحديًا يتطلب حلولًا مرنة ومنظمة في آن واحد. تهدف الوزارة من خلال هذا الدليل إلى معالجة الفاقد التعليمي بفعالية، وتوفير فرصة عادلة للطلاب الذين تضطرهم الظروف للغياب، مع الحفاظ على جدية التحصيل العلمي وعدم التساهل في معايير النجاح والانتقال بين الصفوف الدراسية.
تفاصيل آلية التقييم للمرحلتين الابتدائية والمتوسطة
وفقًا لدليل الاختبارات المحدث، تم وضع إجراءات دقيقة للتعامل مع طلاب المرحلتين الابتدائية والمتوسطة. بالنسبة للطالب الذي ينقطع لفترة محدودة، يتم تقييمه تدريجيًا في المهارات التي فاتته فور عودته للدراسة، بالتوازي مع المهارات الجديدة. أما في حال تزامن انقطاعه مع نهاية العام الدراسي في المواد ذات التقويم التكويني، فقد منحت الآلية مرونة للمدرسة لتقييمه في بداية العام الدراسي التالي. وفيما يخص المواد التي تعتمد على اختبارات ختامية، يُمنح الطالب المنقطع فرصة أداء الاختبارات خلال موعد اختبارات الدور الثاني أو الفترة المخصصة للطلاب الغائبين بعذر مقبول، مما يضمن عدم ضياع جهوده.
ضوابط حاسمة للمرحلة الثانوية
في المرحلة الثانوية، تكتسب الإجراءات مزيدًا من التحديد. الطالب المنقطع عن الدراسة يُختبر في المواد التي فاتته من 100 درجة خلال فترة اختبارات الدور الثاني أو اختبارات التعثر. وقد وضعت الوزارة معيارًا فاصلًا يُعرف بـ “قاعدة الـ 50%”، حيث يُلزم الطالب بإعادة السنة الدراسية كاملة إذا تسبب انقطاعه في تعثره في أكثر من نصف مواد العام الدراسي وفاته موعد اختبار التعثر. أما إذا كانت نسبة المواد المتعثر فيها أقل من 50%، فيمكن ترحيله إلى الصف الأعلى، على أن يخضع لاختبارات المواد التي انقطع عنها في أقرب فرصة لاختبارات الدور الثاني أو التعثر.
الأثر المتوقع وأهمية القرار
من المتوقع أن يكون لهذه الإجراءات التنظيمية تأثير إيجابي كبير على المنظومة التعليمية. على المستوى المحلي، ستسهم في توحيد الممارسات بين كافة المدارس، وتضمن حقوق الطلاب، وتقلل من حالات التسرب الدراسي الناتجة عن غياب آليات واضحة للتعامل مع الانقطاع. كما أنها تعزز من مسؤولية الطالب وولي الأمر تجاه الحضور والانضباط. إقليميًا، تقدم هذه التجربة نموذجًا يمكن الاستفادة منه في الأنظمة التعليمية الأخرى التي تواجه تحديات مشابهة، مما يعكس التزام المملكة بتطوير سياسات تعليمية متقدمة ومستدامة توازن بين الدعم والمرونة والحزم.
