في خطوة تعكس طموحاتها الكبيرة لتكون في طليعة المدن الذكية عالميًا، انطلقت في العاصمة الرياض أعمال برنامج “ماستر كلاس للذكاء الاصطناعي”، الذي تنظمه أمانة منطقة الرياض بالشراكة مع الجمعية الدولية لمخططي المدن والأقاليم المرموقة “ISOCARP”. يأتي هذا البرنامج كأحد أبرز المحطات التحضيرية لاستضافة الرياض للمجلس العالمي الواحد والستين لمخططي المدن والأقاليم، وهو الحدث الأبرز في مجال التخطيط العمراني عالميًا، والمقرر عقده في ديسمبر 2025.
السياق العام: الرياض ورؤية 2030 للتحول الحضري
تأتي هذه الاستضافة في وقت تشهد فيه المملكة العربية السعودية، ومدينة الرياض على وجه الخصوص، تحولًا حضريًا غير مسبوق يتماشى مع أهداف رؤية المملكة 2030. تهدف الرؤية إلى تنويع الاقتصاد ورفع جودة الحياة، وتلعب المدن دورًا محوريًا في تحقيق ذلك. تعمل الرياض على تنفيذ مشاريع عملاقة مثل “مشروع الملك عبد العزيز للنقل العام بالقطارات والحافلات”، و”حديقة الملك سلمان”، و”مشروع الرياض الخضراء”، وهي مشاريع لا تهدف فقط إلى تحديث البنية التحتية، بل إلى إعادة تعريف مفهوم الحياة الحضرية لتكون أكثر استدامة وابتكارًا وتمركزًا حول الإنسان. في هذا السياق، تمثل استضافة مؤتمر ISOCARP العالمي تتويجًا لهذه الجهود، ومنصة لعرض تجربة الرياض الملهمة أمام العالم.
تفاصيل برنامج الماستر كلاس وأهدافه
يقام برنامج الماستر كلاس تحت عنوان “الذكاء الاصطناعي في اتخاذ القرار للتخطيط الحضري”، بالتعاون مع معهد العمارة المتقدمة في كاتالونيا “IAAC”، وهو أحد أهم المراكز البحثية والأكاديمية في العالم المتخصصة في تقنيات العمارة والتخطيط. يهدف البرنامج إلى رفع جاهزية 40 من الكفاءات المحلية والدولية المشاركة، وتزويدهم بأحدث الأدوات والمنهجيات التي يوفرها الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات الحضرية المعقدة. يركز الخبراء المشاركون على استعراض تطبيقات عملية للذكاء الاصطناعي في مجالات حيوية مثل إدارة الموارد المائية، وتحسين كفاءة النقل، وإدارة النفايات، وتعزيز الأمن الغذائي، وبناء مدن قادرة على التكيف مع التغيرات المناخية.
الأهمية والتأثير المتوقع للحدث
تتجاوز أهمية استضافة الرياض لهذا الحدث العالمي مجرد كونه مؤتمرًا دوليًا. فعلى المستوى المحلي، يمثل فرصة ثمينة لبناء قدرات الكوادر الوطنية وتمكينها من أحدث المهارات التقنية، مما يدعم بشكل مباشر مستهدفات رؤية 2030 في بناء اقتصاد قائم على المعرفة. كما أنه يعزز مكانة الرياض كمركز إقليمي للابتكار والتخطيط الحضري المستدام.
إقليميًا، تقدم تجربة الرياض نموذجًا ملهمًا لمدن المنطقة التي تواجه تحديات تنموية وبيئية مشابهة، من النمو السكاني السريع إلى ندرة الموارد المائية. أما على الصعيد الدولي، فإن استضافة المؤتمر في الرياض تضع تحديات وفرص التنمية الحضرية في منطقة الشرق الأوسط تحت المجهر العالمي، وتفتح الباب أمام حوار عالمي مثمر حول كيفية بناء مدن المستقبل في بيئات متنوعة، مع التركيز على الحلول التي تقدمها التقنيات المتقدمة مثل الذكاء الاصطناعي. إن هذه الاستعدادات لا تمهد الطريق لمؤتمر ناجح فحسب، بل تؤسس لمرحلة جديدة من التخطيط الحضري الذكي والمستدام في قلب المملكة.