في خطوة تعكس الأهمية المتزايدة للدبلوماسية السعودية على الساحة الدولية، شاركت المملكة العربية السعودية بفعالية في أعمال المنتدى الإقليمي العاشر للاتحاد من أجل المتوسط، الذي استضافته مدينة برشلونة الإسبانية. وقد مثّلت المملكة في هذا المحفل الهام صاحبة السمو الأميرة هيفاء بنت عبدالعزيز بن عياف آل مقرن، سفيرة خادم الحرمين الشريفين لدى مملكة إسبانيا وإمارة أندورا، نيابةً عن صاحب السمو الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله وزير الخارجية.
تأتي هذه المشاركة لتؤكد على التزام المملكة الراسخ بدعم الحوار الإقليمي البنّاء وتوطيد جسور التعاون بين ضفتي المتوسط. ويُعد المنتدى منصة حيوية تجمع وزراء خارجية الدول الأعضاء في الاتحاد، البالغ عددها 43 دولة، لمناقشة القضايا الملحة وتعزيز الشراكات الاستراتيجية في منطقة تشهد تحديات جيوسياسية واقتصادية وبيئية متزايدة.
السياق التاريخي وأهمية الاتحاد من أجل المتوسط
تأسس الاتحاد من أجل المتوسط في عام 2008 كامتداد وتطوير لـ “عملية برشلونة” التي انطلقت عام 1995، بهدف تعزيز التكامل والتعاون بين دول الاتحاد الأوروبي ودول جنوب وشرق البحر الأبيض المتوسط. ويركز الاتحاد على ستة مجالات رئيسية ذات أولوية، تشمل التنمية البشرية، والاستقرار، والتنمية المستدامة، والنقل والطاقة، والمياه والبيئة، وتغير المناخ. ومن خلال مشاريعه ومبادراته، يسعى الاتحاد إلى تحقيق نتائج ملموسة تعود بالنفع المباشر على مواطني المنطقة.
أبعاد المشاركة السعودية وتأثيرها المتوقع
إن حضور المملكة في هذا المنتدى لا يمثل مجرد مشاركة بروتوكولية، بل هو تأكيد على دورها المحوري كقوة استقرار إقليمية ولاعب أساسي في رسم مستقبل المنطقة. وتنسجم هذه المشاركة مع أهداف رؤية المملكة 2030 التي تولي أهمية كبرى لتعزيز الشراكات الدولية وتنويع العلاقات الدبلوماسية بما يخدم مصالحها ومصالح شركائها. وناقش المنتدى هذا العام التحديات الدولية المشتركة وسبل تعزيز التعاون الأورومتوسطي، وهي قضايا تتقاطع بشكل مباشر مع أولويات السياسة الخارجية السعودية، مثل أمن الطاقة، ومكافحة الإرهاب، وتحقيق التنمية المستدامة.
على الصعيد الإقليمي، تساهم مشاركة المملكة في إثراء الحوار حول القضايا الشائكة، وتقديم رؤى قيمة من منظور قوة اقتصادية وسياسية كبرى في الشرق الأوسط. كما أنها تفتح آفاقًا جديدة للتعاون في مجالات التجارة والاستثمار والتكنولوجيا بين المملكة ودول حوض المتوسط. أما على الصعيد الدولي، فإن هذا الحضور يعزز من مكانة المملكة كشريك موثوق للاتحاد الأوروبي والدول الغربية في مواجهة التحديات العالمية، ويبرز التزامها بالعمل متعدد الأطراف كأداة فعالة لتحقيق السلام والازدهار العالميين.