في أمسية تاريخية على سواحل البحر الأحمر، أسدلت مدينة جدة الستار على منافسات الجولة الرابعة من بطولة العالم لسباقات الزوارق السريعة الفورمولا 1 (F1H2O)، بتتويج المتسابق شون تورّينتي من فريق «فيكتوري» الإماراتي بطلاً لـ«جائزة جدة الكبرى 2025». وقام صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن مشعل بن عبدالعزيز، نائب أمير منطقة مكة المكرمة ورئيس لجنة التقويم الوطني لمحافظة جدة، بتتويج الفائزين في حفل ختامي مهيب أقيم على واجهة أبحر الشمالية، ضمن فعاليات «موسم جدة 2025».
تُعد بطولة العالم للفورمولا 1 للزوارق السريعة، التي انطلقت لأول مرة في عام 1981، بمثابة قمة رياضات المحركات البحرية، حيث تجمع نخبة من أمهر المتسابقين العالميين في سباقات تجمع بين السرعة الفائقة والمهارة الاستثنائية في التحكم بالزوارق خفيفة الوزن التي تتجاوز سرعتها 250 كيلومترًا في الساعة. استضافة جدة لهذا الحدث العالمي لأول مرة لم تكن مجرد إضافة لرزنامة الفعاليات الرياضية، بل كانت تأكيدًا على القدرات اللوجستية والبنية التحتية المتطورة التي تمتلكها المملكة، والتي تؤهلها لاحتضان أكبر البطولات العالمية.
شهدت المنافسات على مدار ثلاثة أيام مشاركة 10 فرق عالمية تضم 20 متسابقًا، قدموا عروضًا حبست الأنفاس وأظهرت قوة المحركات ودقة القيادة. وبعد منافسة شرسة، تمكن شون تورّينتي من حسم اللقب لصالحه، ليحصل على الكأس والميدالية الذهبية. وجاء في المركز الثاني المتسابق يوناس أندرسون من فريق السويد، حاصدًا الميدالية الفضية، بينما ذهبت الميدالية البرونزية للمتسابق بارتيك مارساليك من فريق ستروموي ريسينغ النرويجي، الذي حل في المركز الثالث.
تكمن أهمية هذا الحدث في كونه الأول من نوعه الذي يقام على مياه البحر الأحمر، مما يفتح آفاقًا جديدة للسياحة الرياضية في المنطقة. ويعزز هذا النجاح من مكانة جدة كوجهة رئيسية للفعاليات الدولية، وهو ما ينسجم بشكل مباشر مع مستهدفات رؤية السعودية 2030، التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد الوطني وجعل المملكة مركزًا عالميًا للرياضة والسياحة والترفيه. إن استضافة بطولات بهذا الحجم لا تساهم فقط في تعزيز الصورة الدولية للمملكة، بل تحفز أيضًا الاقتصاد المحلي وتخلق فرصًا جديدة في قطاعات الضيافة والخدمات اللوجستية.
واختتمت البطولة بمراسم تتويج مبهرة، حيث عُزف السلام الملكي السعودي، وقام سمو الأمير سعود بن مشعل بتكريم الأبطال وسط أجواء احتفالية أضاءتها عروض الألعاب النارية التي زينت سماء جدة. ويُضاف هذا النجاح إلى سجل جدة الحافل باستضافة الفعاليات الكبرى، مؤكدًا على دورها المحوري كبوابة للثقافة والرياضة والترفيه على ساحل البحر الأحمر، وتقديمها تجارب نوعية ومتنوعة لزوارها من داخل المملكة وخارجها.