أعلنت حكومة البيرو فرض حالة الطوارئ لمدة 60 يومًا على جميع مناطقها الحدودية، مع تركيز خاص على الحدود الجنوبية مع تشيلي، في خطوة تهدف إلى السيطرة على تدفق المهاجرين غير النظاميين ومكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود. ويسمح هذا القرار بنشر قوات الجيش لمساندة الشرطة الوطنية في مهامها الأمنية، مما يعكس حجم التحدي الذي تواجهه السلطات في ليما.
خلفية أزمة الهجرة الإقليمية
تأتي هذه الخطوة في سياق أزمة هجرة أوسع تشهدها أمريكا اللاتينية. خلال السنوات الماضية، استقبلت دول مثل تشيلي والبيرو أعدادًا كبيرة من المهاجرين، معظمهم من فنزويلا، الذين فروا من الأوضاع الاقتصادية والسياسية الصعبة في بلادهم. لكن في الآونة الأخيرة، بدأ يظهر اتجاه معاكس، حيث يحاول آلاف المهاجرين مغادرة دول اللجوء مثل تشيلي والعودة شمالًا، إما إلى بلدانهم الأصلية أو في محاولة للوصول إلى الولايات المتحدة. يعود هذا التحول إلى عدة عوامل، منها الصعوبات الاقتصادية التي يواجهونها، وتشديد قوانين الهجرة في دول الإقامة، بالإضافة إلى التحديات المتعلقة بالاندماج الاجتماعي.
الوضع الإنساني المتأزم على الحدود
يتركز التوتر بشكل خاص عند معبر تشاكالوتا-سانتا روزا الحدودي، الذي يفصل بين مدينة أريكا التشيلية ومدينة تاكنا في البيرو. وقد علق مئات المهاجرين، بينهم نساء وأطفال، في المنطقة الصحراوية القاحلة بين البلدين. يعيش هؤلاء الأفراد في ظروف إنسانية صعبة للغاية، حيث يفتقرون إلى المأوى والغذاء والمياه النظيفة والرعاية الطبية. وقد تفاقمت الأزمة بعد أن شددت البيرو من شروط الدخول، مطالبة المهاجرين بتقديم وثائق سفر صالحة وتأشيرات، وهو ما لا يملكه الكثير منهم.
التأثيرات المحلية والإقليمية للقرار
يهدف إعلان حالة الطوارئ، بحسب الحكومة البيروفية، إلى “التصدي للجرائم وحالات العنف الأخرى” المرتبطة بالهجرة غير المنظمة، مثل الاتجار بالبشر والتهريب. ومع ذلك، أثار القرار قلق المنظمات الحقوقية التي تخشى من أن يؤدي نشر الجيش إلى انتهاكات لحقوق المهاجرين واللاجئين. على الصعيد الدبلوماسي، أدى الوضع إلى توتر في العلاقات بين ليما وسانتياغو، حيث تبادل البلدان الاتهامات بشأن المسؤولية عن إدارة الأزمة. وقد دعا الرئيس التشيلي، غابرييل بوريك، إلى ضرورة إيجاد حل إقليمي شامل، مؤكدًا أن الحلول الأحادية لن تكون كافية لمعالجة ظاهرة الهجرة المعقدة. وتبقى الأزمة على الحدود بين البيرو وتشيلي شاهدًا على التحديات الإنسانية والأمنية التي تفرضها موجات الهجرة الكبرى في القارة.