عاشت جماهير النادي الأهلي ليلة مليئة بالتوتر والترقب، انتهت بتأهل فريقها إلى نصف نهائي كأس خادم الحرمين الشريفين، بعد مباراة ماراثونية وصفت بـ”الملحمة” أمام القادسية. ورغم أن “الراقي” حسم بطاقة العبور بركلات الترجيح بعد نهاية الأشواط الأصلية والإضافية بالتعادل الإيجابي (3-3)، إلا أن الفرحة لم تكن كاملة، حيث دقت المباراة جرس إنذار مدوٍ كشف عن ثغرة دفاعية عميقة قد تكلف الفريق غالياً في المستقبل، وكان بطلها المدافع ماتيو دامس.
خلفية موسم الطموحات الكبرى
يأتي هذا الأداء المقلق في سياق موسم استثنائي للأهلي، الذي عاد إلى دوري روشن للمحترفين بطموحات لا حدود لها بعد أن قضى موسماً واحداً في دوري الدرجة الأولى. دعمت الإدارة الفريق بصفقات عالمية خلال فترة الانتقالات الصيفية، مستقطبة نجوماً بحجم رياض محرز، روبيرتو فيرمينو، فرانك كيسي، إدوارد ميندي، وآلان سانت ماكسيمين، بهدف المنافسة بقوة على جميع الألقاب المحلية. هذا الاستثمار الضخم وضع الفريق تحت ضغط كبير لتقديم أداء يليق بحجم الأسماء الموجودة، وجعل أي ضعف فني، خاصة في الخطوط الخلفية، تحت المجهر.
انتصار لا يخفي الأزمة الدفاعية
لم يأتِ فوز الأهلي على القادسية نتيجة صلابة دفاعية، بل تحقق على الرغم من الهشاشة الواضحة في الخلف. بدا دامس خلال اللقاء وكأنه نقطة الضعف التي استغلها المنافس ببراعة، حيث تسببت هفواته المتكررة في وضع الفريق تحت ضغط مستمر. لقطة الهدف الثاني للقادسية تلخص المشهد بأكمله؛ فكرة كانت تبدو في متناول اليد تحولت إلى هدف محقق بسبب سوء تقدير فادح وتمركز خاطئ من المدافع، مما أتاح للمهاجم جوليان كوينونيس فرصة لا تعوض لهز شباك ميندي. هذا النوع من الأخطاء لا يمكن اعتباره مجرد هفوة عابرة، بل هو مؤشر على ضعف في أساسيات قراءة اللعب وبطء في اتخاذ القرار.
أخطاء فردية تستنزف الفريق
لم تتوقف أخطاء دامس عند هذا الحد، فمع سعي الأهلي لتدارك الموقف، ارتكب خطأً ساذجاً بلمسة يد داخل منطقة الجزاء، أهدى بها القادسية ركلة جزاء أعادتهم للمباراة وضاعفت من معاناة زملائه. مثل هذه الأخطاء الفردية تجبر الفريق على خوض معارك إضافية وتستنزف طاقته البدنية والذهنية، وهو ما حدث بالفعل بإجبار الأهلي على لعب 120 دقيقة وركلات ترجيح كان يمكن تجنبها.
تأثير يمتد إلى ما هو أبعد من مباراة
تكمن الخطورة في أن ما حدث أمام القادسية ليس حادثاً معزولاً. فقد تكررت أخطاء دامس المؤثرة في مباريات سابقة هذا الموسم، مثل مواجهتي بيراميدز والشباب، مما يؤكد أن المشكلة قد تكون هيكلية وتتعلق بمدى جودة اللاعب وقدرته على تحمل ضغط اللعب في فريق بحجم الأهلي. على الصعيدين المحلي والدولي، يراقب الجميع أداء فرق دوري روشن، وأي ضعف في فريق مدجج بالنجوم يصبح حديث الإعلام العالمي، وقد يؤثر على سمعة المشروع الرياضي ككل. إن الاعتماد على الحلول الفردية الهجومية لتعويض الأخطاء الدفاعية ليس استراتيجية مستدامة لتحقيق البطولات.
قرار مصيري ينتظر يايسله والإدارة
لقد كانت مباراة القادسية بمثابة رسالة واضحة للمدرب ماتياس يايسله وإدارة النادي: خط الدفاع بحاجة ماسة إلى تدعيم فوري في فترة الانتقالات الشتوية. الاستمرار في الاعتماد على لاعب يتسبب في أخطاء حاسمة بشكل متكرر هو مجازفة كبيرة قد تقوض طموحات الفريق في سباق الدوري وكأس الملك. صحيح أن الأهلي عبر “ملحمة القادسية” بسلام، لكن الانتصار غطى على عيوب قاتلة، والحقيقة الثابتة أن الحظ قد لا يكون حليف الفريق في كل مرة، وقد تتحول هذه الثغرة الدفاعية إلى كابوس ينهي أحلام الموسم في اللحظات الحاسمة القادمة.