في خطوة تنظيمية هامة تهدف إلى تعزيز الشفافية وحماية المستهلك، طرحت الهيئة العامة للغذاء والدواء في المملكة العربية السعودية مسودة تحديث شامل لآلية تسعير المستحضرات الصيدلانية. ويأتي هذا الإجراء، الذي تم عرضه عبر منصة “استطلاع” العامة، ليرسي قواعد واضحة تضبط سوق الدواء المحلي وتضمن استقرار الإمدادات، بما يتماشى مع أهداف رؤية المملكة 2030 في تطوير القطاع الصحي.
السياق العام والجهود التنظيمية المستمرة
تُعد هذه الخطوة حلقة في سلسلة من الجهود المستمرة التي تبذلها الهيئة العامة للغذاء والدواء لرفع مستوى الرقابة على سوق الأدوية، الذي يُعتبر أحد أكبر الأسواق في منطقة الشرق الأوسط. تاريخياً، شهدت أسعار الأدوية في المملكة مراجعات دورية لضمان توافقها مع الأسعار في دول مرجعية أخرى، ولكن التحديث الجديد يركز بشكل أكبر على آليات التطبيق الفوري والشفافية المباشرة للمستهلك. ويهدف هذا التوجه إلى بناء سوق دوائي ناضج وموثوق، يعزز من الأمن الدوائي الوطني ويشجع على الاستثمار في القطاع الصيدلاني عبر توفير بيئة تشريعية مستقرة وواضحة.
تفاصيل الآلية الجديدة والمهل الزمنية
ألزمت المسودة الجديدة شركات الأدوية ووكلائها بتنفيذ أي أسعار جديدة أو معدلة خلال مهلة إلزامية لا تتجاوز 90 يوماً من تاريخ الإبلاغ الرسمي. ويتم هذا الإبلاغ عبر نظام “سدر” الإلكتروني أو من خلال الخطابات المباشرة، مما يضمن وصول المعلومة بشكل فوري ودقيق. ولضمان استقرار السوق، أقرت الهيئة ضابطاً يمنع خفض سعر أي مستحضر صيدلاني مرة أخرى قبل مرور عامين كاملين على التخفيض الأول، وهو ما يمنح الشركات المصنعة والموزعين هامشاً من الاستقرار المالي والتخطيطي.
الأهمية والتأثير المتوقع
على الصعيد المحلي، يُتوقع أن يكون لهذه التنظيمات تأثير إيجابي مباشر على المستهلك، حيث ستقضي على التباين السعري غير المبرر بين الصيدليات وتوفر مرجعاً سعرياً موحداً وواضحاً. أما على مستوى شركات الأدوية، فستدفعها هذه الإجراءات إلى تبني سياسات تسعير أكثر انضباطاً وتخطيطاً للمخزون. إقليمياً، تعزز هذه الخطوة من مكانة المملكة كقائد في مجال التنظيم الدوائي، وقد تكون نموذجاً يُحتذى به في دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى لتوحيد المعايير التنظيمية. دولياً، ترسل هذه الإجراءات رسالة واضحة لشركات الأدوية العالمية بأن السوق السعودي يعمل وفق معايير دولية صارمة من الشفافية والرقابة.
إجراءات رقابية ميدانية
ولضمان التطبيق الفعلي على أرض الواقع، فرضت الهيئة إجراءات فورية للتعامل مع المخزون الحالي. حيث ألزمت الشركات بوضع ملصقات سعرية جديدة “غير قابلة للإزالة” على عبوات الأدوية الموجودة في المستودعات والصيدليات في حال كان السعر المطبوع سابقاً مختلفاً عن السعر المعتمد الجديد. وتكتمل هذه المنظومة الرقابية بتحديث قواعد البيانات على الموقع الإلكتروني للهيئة وأنظمتها الداخلية فور انتهاء المهل المحددة، ليكون المرجع الرقمي متطابقاً تماماً مع الأسعار في جميع منافذ البيع بالمملكة.
