أعلنت هيئة الملاحة التركية عن وقوع حادثين خطيرين في مياه البحر الأسود، حيث اندلع حريق في ناقلتي نفط ترفعان علم غامبيا قبالة سواحل البلاد، مما يسلط الضوء مجدداً على المخاطر الأمنية المتزايدة في هذا الممر المائي الحيوي. وأكدت السلطات التركية أن ناقلة النفط “فيرات” تعرضت لهجوم مباشر يوم الجمعة على بعد حوالي 35 ميلاً من الساحل، وفقاً لإفادة طاقمها.
وفي حادث منفصل وقع في اليوم نفسه، اشتعلت النيران في ناقلة نفط أخرى تحمل اسم “كايروس” وترفع علم غامبيا أيضاً، وذلك على بعد 28 ميلاً من الساحل التركي. وأشارت التقارير الأولية إلى أن الحريق نجم عن “تأثيرات خارجية”، وهو مصطلح غالباً ما يستخدم للإشارة إلى هجوم متعمد أو انفجار لغم بحري، في انتظار نتائج التحقيقات الرسمية لتحديد طبيعة الهجوم والجهة المسؤولة عنه.
سياق متوتر وخلفية تاريخية
يأتي هذا الهجوم في ظل سياق جيوسياسي متوتر تشهده منطقة البحر الأسود منذ بدء الصراع الروسي الأوكراني في فبراير 2022. تحول البحر الأسود إلى ساحة مواجهة بحرية، حيث استهدف الطرفان بشكل متكرر السفن التجارية والعسكرية والبنية التحتية الساحلية. وقد أدى هذا الصراع إلى تلغيم أجزاء واسعة من الممرات الملاحية، مما يشكل تهديداً دائماً لسلامة السفن المدنية التي تعبر المنطقة. وتعتبر هذه الهجمات امتداداً للحرب الاقتصادية التي تهدف إلى تعطيل خطوط الإمداد والتجارة للطرف الآخر، خاصة صادرات الحبوب والنفط التي تعد شرياناً اقتصادياً حيوياً لكل من روسيا وأوكرانيا.
الأهمية الاستراتيجية والتأثيرات المحتملة
يحمل هذا الحادث تداعيات خطيرة على المستويات المحلية والإقليمية والدولية. فعلى الصعيد المحلي، يضع الحادث ضغوطاً إضافية على تركيا، التي تلعب دوراً محورياً في الحفاظ على أمن الملاحة في البحر الأسود بموجب اتفاقية مونترو التي تنظم حركة المرور عبر مضيقي البوسفور والدردنيل. أما إقليمياً، فيزيد الهجوم من خطر التصعيد العسكري ويقوض الجهود المبذولة لضمان حرية الملاحة، مثل مبادرة ممر الحبوب التي توسطت فيها تركيا والأمم المتحدة سابقاً.
دولياً، يثير استهداف ناقلات النفط قلقاً بالغاً في أسواق الطاقة العالمية، حيث يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط الخام بسبب المخاوف من تعطل الإمدادات. كما يتسبب في زيادة تكاليف التأمين على الشحن في المنطقة، مما يرفع بدوره أسعار السلع المنقولة عبر البحر الأسود. بالإضافة إلى ذلك، هناك خطر بيئي كبير يتمثل في إمكانية حدوث تسرب نفطي هائل قد يلحق أضراراً كارثية بالحياة البحرية والسواحل المطلة على البحر الأسود.
