في خطوة تعكس التزام المملكة العربية السعودية بتعزيز بيئة العمل وتحسين جودة حياة العمالة، اختتم معالي وزير الشؤون البلدية والقروية والإسكان، الأستاذ ماجد بن عبدالله الحقيل، زيارته الرسمية إلى الاتحاد السويسري بلقاء استراتيجي مع المدير العام لمنظمة العمل الدولية، السيد جيلبرت ف. هونغبو، في مقر المنظمة بمدينة جنيف. وشكل اللقاء منصة هامة لاستعراض التجربة السعودية المتقدمة في مجال توفير السكن الجماعي للأفراد، والتي تتماشى مع أعلى المعايير الدولية.
خلفية التحول: رؤية 2030 والمشاريع الكبرى
يأتي هذا التحرك في سياق التحول الاقتصادي والاجتماعي غير المسبوق الذي تشهده المملكة ضمن إطار “رؤية 2030”. فقد أطلقت السعودية حزمة من المشاريع التنموية العملاقة مثل “نيوم”، و”مشروع البحر الأحمر”، و”القدية”، والتي تتطلب استقطاب ملايين العمال والمهنيين من مختلف أنحاء العالم. وإدراكًا منها لأهمية توفير بيئة معيشية لائقة لهذه العمالة، أولت الحكومة السعودية اهتمامًا خاصًا بتطوير قطاع السكن الجماعي، والانتقال به من مجرد توفير المأوى إلى إنشاء مجتمعات سكنية متكاملة تضمن الكرامة والسلامة والرفاهية للقاطنين فيها.
أهمية التجربة السعودية وتأثيرها المتوقع
أكد الوزير الحقيل خلال اللقاء أن جهود المملكة لا تقتصر على تشييد المباني، بل تمتد لتشمل تطبيق معايير صارمة للجودة والسلامة والصحة. وتتضمن هذه المعايير توفير مساحات معيشية مناسبة، وخدمات صحية، ومرافق ترفيهية، وبيئة آمنة تضمن حقوق العمال. وأوضح أن هذه المبادرات تهدف إلى تحقيق جودة حياة أفضل لجميع المقيمين على أرض المملكة، وهو ما ينعكس إيجابًا على الإنتاجية والاستقرار الاجتماعي.
على الصعيد الإقليمي، تضع هذه التجربة السعودية معيارًا جديدًا في منطقة الخليج التي تعتمد بشكل كبير على العمالة الوافدة، مما قد يشجع دول الجوار على تبني ممارسات مماثلة. أما دوليًا، فإن هذا الانفتاح والتعاون مع منظمات مثل منظمة العمل الدولية يعزز من صورة المملكة كدولة مسؤولة وملتزمة بالاتفاقيات والمعايير الدولية لحقوق العمل، مما يزيد من جاذبيتها كوجهة للعمالة الماهرة والاستثمارات الأجنبية.
دعوة للشفافية وتطلع لتعاون أوسع
لم يكتفِ الوزير الحقيل بالعرض النظري، بل وجه دعوة رسمية للمدير العام لمنظمة العمل الدولية وفريقه لزيارة المملكة. تهدف هذه الدعوة إلى إتاحة الفرصة للمنظمة للاطلاع الميداني على المشاريع العملاقة والمرافق السكنية المجهزة للعمال، والوقوف بشكل مباشر على حجم ونوعية الإصلاحات الشاملة التي نفذتها المملكة في سوق العمل. وتعبر هذه الخطوة عن رغبة سعودية في الشفافية وبناء جسور من الثقة مع المجتمع الدولي. وأشار الحقيل إلى تطلع المملكة لتعميق التعاون مع المنظمة لمواكبة النمو المتسارع في أعداد العمالة المتوقع مع استمرار تنفيذ المشاريع الكبرى، مما يتطلب تنسيقًا وتعاونًا على نطاق غير مسبوق لضمان استدامة هذه المكتسبات.