الذهب يحقق مكاسب قوية مدعومًا بتوقعات السياسة النقدية
شهدت أسعار الذهب ارتفاعًا ملحوظًا في التعاملات الآسيوية اليوم، لتواصل مسيرتها الصاعدة للشهر الرابع على التوالي، في أداء قوي يعكس تزايد تفاؤل المستثمرين حول احتمالية قيام مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي (البنك المركزي) بخفض أسعار الفائدة في اجتماعه المقرر في ديسمبر المقبل. ويأتي هذا التوجه في ظل صدور بيانات اقتصادية تشير إلى تباطؤ تدريجي في وتيرة التضخم، مما يعزز من فرص تحول السياسة النقدية نحو التيسير.
وفي تفاصيل التداولات، ارتفع سعر الذهب في المعاملات الفورية بنسبة 0.8% ليصل إلى 2389.61 دولارًا للأوقية (الأونصة)، متجهاً لتحقيق مكاسب أسبوعية بنسبة 3% ومكاسب شهرية تقدر بـ 3.9%. كما سجلت العقود الأمريكية الآجلة للذهب تسليم ديسمبر ارتفاعًا بنسبة 0.5% لتستقر عند 2421.30 دولارًا للأوقية، مما يؤكد على الثقة السائدة في الأسواق تجاه المعدن الأصفر.
السياق التاريخي: علاقة الذهب بأسعار الفائدة والدولار
يعد التوجه المتوقع للسياسة النقدية الأمريكية المحرك الرئيسي وراء هذا الصعود. تاريخيًا، يرتبط سعر الذهب بعلاقة عكسية مع أسعار الفائدة. فعندما تكون أسعار الفائدة مرتفعة، يزداد العائد على الأصول التي تدر فائدة مثل السندات الحكومية، مما يقلل من جاذبية الذهب الذي لا يدر عائدًا مباشرًا (وهو ما يعرف بتكلفة الفرصة البديلة). ولكن مع توقعات خفض الفائدة، تقل تكلفة الفرصة البديلة لحيازة الذهب، مما يجعله استثمارًا أكثر جاذبية.
بالإضافة إلى ذلك، لطالما اعتبر الذهب ملاذًا آمنًا للمستثمرين في أوقات عدم اليقين الاقتصادي والجيوسياسي. ففي فترات التضخم المرتفع أو تقلبات الأسواق المالية، يلجأ المستثمرون إلى المعدن الأصفر للحفاظ على قيمة ثرواتهم. كما أن خفض أسعار الفائدة غالبًا ما يؤدي إلى إضعاف قيمة الدولار الأمريكي، وبما أن الذهب يتم تسعيره بالدولار، فإن انخفاض قيمة العملة الخضراء يجعله أرخص للمشترين الذين يستخدمون عملات أخرى، مما يزيد الطلب عليه ويرفع سعره عالميًا.
التأثيرات المتوقعة على الأسواق العالمية والإقليمية
لا يقتصر تأثير هذه التوقعات على المستثمرين الأفراد فقط، بل يمتد إلى البنوك المركزية حول العالم التي زادت من احتياطياتها من الذهب بشكل كبير في السنوات الأخيرة كجزء من استراتيجية تنويع الأصول بعيدًا عن الدولار الأمريكي. وعلى الصعيد الإقليمي، خاصة في منطقة الشرق الأوسط وآسيا، يحظى الذهب بأهمية ثقافية واستثمارية كبيرة. ومن المتوقع أن يؤدي استمرار ارتفاع الأسعار إلى زيادة نشاط التداول في الأسواق المحلية، سواء لأغراض الاستثمار أو الادخار طويل الأجل.
أداء المعادن النفيسة الأخرى
لم يقتصر التأثير الإيجابي على الذهب وحده، بل امتد إلى المعادن النفيسة الأخرى التي تأثرت بنفس المناخ الاستثماري المتفائل. فقد قفزت الفضة في المعاملات الفورية بنسبة 1.4% لتصل إلى 31.18 دولارًا للأوقية، وارتفع البلاتين بنسبة 1.7% مسجلاً 1034.82 دولارًا. في المقابل، شهد البلاديوم تراجعًا طفيفًا بنسبة 0.6% ليصل إلى 1428.62 دولارًا للأوقية، متأثرًا بعوامل العرض والطلب الخاصة به والمرتبطة بشكل كبير بقطاع صناعة السيارات.