في خطوة استراتيجية تهدف إلى تعزيز الأمن الفكري وترسيخ قيم الإسلام السمحة، وقعت المملكة العربية السعودية وجمهورية تنزانيا المتحدة مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون في الشؤون الإسلامية. وقد أكد معالي وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد، الشيخ الدكتور عبد اللطيف بن عبد العزيز آل الشيخ، أن هذه المذكرة تمثل انطلاقة جديدة نحو عمل مشترك بنّاء لمواجهة الفكر المتطرف ونشر قيم الوسطية والاعتدال.
أسس راسخة لتعاون مثمر
جاء توقيع المذكرة في محافظة جدة، حيث صرح الوزير آل الشيخ بأن هذه الخطوة المباركة تعكس حرص قيادتي البلدين على خدمة الإسلام والمسلمين. وأوضح أن التعاون سيرتكز على ترسيخ مبادئ التسامح والوسطية، ومحاربة الغلو والتطرف، ونشر قيم المودة والرحمة بين الناس، استنادًا إلى الكتاب والسنة ومنهج السلف الصالح. وشدد معاليه على أن المملكة، بقيادتها الرشيدة، تدعم كل جهد يسهم في تقديم صورة الإسلام النقية، بعيدًا عن الشوائب والأفكار الدخيلة التي تروج لها الجماعات المسيسة لتحقيق مصالح دنيوية ضيقة.
سياق تاريخي وجهود سعودية رائدة
لا تأتي هذه المذكرة من فراغ، بل هي امتداد لعلاقات تاريخية عميقة بين المملكة العربية السعودية ودول القارة الأفريقية، ومن بينها تنزانيا. فلطالما لعبت المملكة دورًا محوريًا في دعم المجتمعات الإسلامية حول العالم من خلال مبادرات دعوية وتعليمية وإنسانية. وتنسجم هذه الشراكة مع أهداف رؤية المملكة 2030 التي تؤكد على دور المملكة الريادي في العالم الإسلامي، وسعيها لتعزيز الحوار ونشر ثقافة السلام والتعايش. إن مواجهة التطرف لا تقتصر على الجانب الأمني فقط، بل تتطلب تحصينًا فكريًا وثقافيًا، وهو ما تسعى إليه مثل هذه الاتفاقيات عبر تبادل الخبرات وتنظيم البرامج التوعوية المشتركة.
أهمية استراتيجية في شرق إفريقيا
تكتسب هذه المذكرة أهمية خاصة في منطقة شرق إفريقيا التي واجهت تحديات أمنية مرتبطة بانتشار الفكر المتطرف. يمثل التعاون بين وزارة الشؤون الإسلامية السعودية والمجلس الإسلامي الأعلى في تنزانيا نموذجًا للعمل الوقائي الذي يستهدف الجذور الفكرية للتطرف. ومن المتوقع أن يكون لهذه الشراكة تأثير إيجابي يتجاوز حدود تنزانيا، ليمثل منارة إرشادية لدول الجوار في كيفية بناء استراتيجيات فعالة لتعزيز السلم الاجتماعي من خلال الخطاب الديني المعتدل. إن تمكين المؤسسات الدينية المحلية وتزويدها بالأدوات المعرفية اللازمة يعد حجر الزاوية في أي جهد ناجح لمكافحة الإرهاب.
آفاق مستقبلية وتأثير ملموس
أشاد الوزير آل الشيخ بالعاطفة الدينية الصادقة لدى الشعب التنزاني، مستشهدًا بالنجاح الكبير الذي حققته مسابقة قرآنية نظمتها الوزارة في العاصمة دار السلام وحضرها أكثر من 60 ألف مسلم. ووصف الشعب التنزاني بأنه مضياف ومتمسك بدينه ومحب للخير. وأعرب عن تطلعه لأن تنعكس مذكرة التفاهم بشكل مباشر على دعم البرامج والمبادرات التي ترتقي بالمستوى الديني والمعرفي للمجتمع التنزاني، بما يساهم في تحقيق الأمن والاستقرار والرخاء. ويفتح هذا التعاون الباب أمام المزيد من المبادرات المستقبلية، مثل برامج تبادل الدعاة، وتدريب الأئمة، وتوزيع المطبوعات الإسلامية المعتمدة، مما يعزز من الأثر الإيجابي لهذه الشراكة على المدى الطويل.