في خطوة استراتيجية تهدف إلى تعميق الشراكة الأمنية بين المملكتين، عقد صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سعود بن نايف بن عبدالعزيز، وزير الداخلية السعودي، جلسة مباحثات رسمية مع نظيره الإسباني، السيد فيرناندو غراندي مارلاسكا، وذلك في ديوان وزارة الداخلية بالعاصمة الرياض. وتوجت المباحثات بتوقيع خطة عمل مشتركة ترسم ملامح مستقبل التعاون الأمني بين البلدين الصديقين.
خلفية تاريخية للعلاقات السعودية الإسبانية
ترتبط المملكة العربية السعودية ومملكة إسبانيا بعلاقات تاريخية متجذرة تمتد لعقود، وتشمل مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية. ويأتي هذا التعاون الأمني ك امتداد طبيعي لهذه الشراكة الراسخة، حيث يواجه البلدان تحديات أمنية مشتركة تتطلب تنسيقاً عالي المستوى. وتعتبر إسبانيا، بحكم موقعها الجغرافي كبوابة لأوروبا من الجنوب، شريكاً محورياً في مكافحة التهديدات العابرة للحدود، بينما تمثل المملكة ثقلاً استراتيجياً في منطقة الشرق الأوسط، مما يجعل التعاون بينهما ركيزة أساسية للاستقرار الإقليمي والدولي.
أبعاد الخطة المشتركة وتأثيرها المتوقع
أكد الأمير عبدالعزيز بن سعود خلال الجلسة أن هذا اللقاء يأتي تنفيذاً لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، لتعزيز التعاون في ظل العلاقات المتميزة التي تجمع البلدين. وركزت المباحثات على آليات تعزيز مسارات التعاون في مجالات حيوية، أبرزها:
- مكافحة الجريمة المنظمة: التصدي للشبكات الإجرامية الدولية التي تنشط في مجالات مختلفة، وتنسيق الجهود لتعقب مرتكبيها وتقديمهم للعدالة.
- مكافحة تهريب المخدرات: تبادل المعلومات والخبرات لمواجهة شبكات تهريب المخدرات التي تشكل تهديداً عالمياً للصحة العامة والأمن المجتمعي.
- غسل الأموال: تعزيز الرقابة وتجفيف منابع تمويل الإرهاب والجريمة من خلال التعاون في مكافحة عمليات غسل الأموال.
- تبادل الخبرات: تطوير القدرات البشرية والفنية لدى الأجهزة الأمنية في البلدين عبر برامج تدريب مشتركة وتبادل أفضل الممارسات والتجارب.
أهمية استراتيجية على الصعيدين الإقليمي والدولي
لا تقتصر أهمية هذه الاتفاقية على البعد الثنائي فقط، بل تمتد لتشمل أبعاداً إقليمية ودولية. فالتنسيق السعودي الإسباني يساهم في تعزيز أمن منطقة البحر الأبيض المتوسط والشرق الأوسط، وهما منطقتان متجاورتان تتأثران ببعضهما البعض أمنياً. كما أن هذا التعاون يمثل نموذجاً للشراكات الدولية الفعالة في مواجهة التهديدات الأمنية المعقدة التي لا يمكن لأي دولة مواجهتها بمفردها، مما يعزز منظومة الأمن العالمي ويدعم الاستقرار الدولي.
وقد حضر جلسة المباحثات وتوقيع الاتفاقية عدد من كبار المسؤولين من الجانبين، من بينهم صاحب السمو الأمير عبدالعزيز بن محمد بن عياف، نائب وزير الداخلية المكلّف، ومساعد وزير الداخلية الأستاذ هشام بن عبدالرحمن الفالح، ومدير الأمن العام الفريق محمد بن عبدالله البسامي. ومن الجانب الإسباني، حضر سفير إسبانيا لدى المملكة السيد خابيير كارباخوسا سانشيز، ومدير عام العلاقات الدولية والشؤون الخارجية السيدة إلينا غارسون أوتاميندي.
