بعد يومين من النشاط البركاني العنيف، ساد هدوء حذر بركان “هايلي غوبي” الواقع في إقليم عفار شمالي إثيوبيا. ورغم توقف تدفق الحمم والغازات، لا تزال تداعيات الثوران ماثلة للعيان، حيث خلّف وراءه دماراً في القرى المجاورة وأحدث اضطراباً واسعاً في حركة الملاحة الجوية الإقليمية والدولية بسبب سحب الرماد الكثيفة التي انبعثت إلى ارتفاعات شاهقة.
السياق الجيولوجي: منطقة نشطة بركانياً
يقع بركان “هايلي غوبي” ضمن “منخفض عفار” أو “مثلث عفار”، وهي واحدة من أكثر المناطق الجيولوجية نشاطاً على وجه الأرض. تُعد هذه المنطقة نقطة التقاء لثلاث صفائح تكتونية (الصفيحة العربية، والصفيحة النوبية، والصفيحة الصومالية) التي تتباعد عن بعضها ببطء، مما يؤدي إلى نشاط زلزالي وبركاني مستمر. وتشتهر المنطقة بوجود براكين أخرى شهيرة مثل بركان “إرتا أليه” الذي يُعرف ببحيرة الحمم الدائمة. هذا السياق الجيولوجي يجعل من ثوران البراكين في إقليم عفار حدثاً متوقعاً، لكنه لا يقلل من خطورته وتأثيره المدمر على البيئة والسكان المحليين.
التأثيرات المحلية والإقليمية
على الصعيد المحلي، كانت الآثار وخيمة على سكان منطقة أفديرا، وهم في الغالب من الرعاة الرحل. فقد غطت طبقة كثيفة من الرماد البركاني مساحات شاسعة من المراعي ومصادر المياه، مما يهدد الثروة الحيوانية التي يعتمدون عليها في حياتهم. وأفاد مسؤولون محليون بأن السكان عانوا من مشاكل في التنفس وسعال مستمر نتيجة استنشاق الرماد الدقيق، مما استدعى تدخلات صحية عاجلة. كما أدى الثوران إلى نزوح بعض العائلات من قراها بحثاً عن مناطق آمنة ومياه نظيفة.
اضطراب حركة الطيران الدولي
امتد تأثير البركان سريعاً ليتجاوز حدود إثيوبيا، حيث شكلت سحابة الرماد التي وصلت إلى ارتفاعات تزيد عن 10 كيلومترات خطراً داهماً على الطيران المدني. ويعود سبب الخطورة إلى أن جزيئات الرماد البركاني الدقيقة يمكن أن تذوب داخل المحركات النفاثة للطائرات وتتجمد مرة أخرى، مما قد يؤدي إلى تعطلها بالكامل. ونتيجة لذلك، سارعت شركات طيران دولية إلى إلغاء عشرات الرحلات الجوية التي تمر عبر المجال الجوي المتأثر، خاصة تلك المتجهة من آسيا إلى إفريقيا وأوروبا. وأعلنت شركات مثل “طيران الهند” و”أكاسا إير” عن إلغاء رحلات إلى وجهات في الشرق الأوسط، كما تأثرت حركة الإقلاع والهبوط في مطارات كبرى مثل مطار إنديرا غاندي الدولي في نيودلهي، مما تسبب في تأخيرات وإلغاءات أثرت على آلاف المسافرين.